السقوط على مقدمة الأسنان أو اصطدامها بقوة بأي جسم صلب.. أمر لاتتوقف خطورته على ما يحدث من أعراض وقتية يمكن ملاحظتها: كحدوث قطع بالشفة أو نزف من اللثة أو العبير عن الألم، بل له مخاطر خفية يمتد تأثيرها الضار بعيدا عن أعين المصاب والمحيطين به، وتنتهي عادة- إذا لم يتم اكتشافها وعلاجها بصورة صحيحة - بتشوه حاد في الأسنان خاصة، والوجه عموما. ما يحدث للطفل المصاب من صدمة في مقدمة أسنانه أو سقوط عليها، أن المحيطين به يهتمون فقط بعلاج الجروح البسيطة التي يصاب بها الطفل، على اعتبار أنها المشكلة الوحيدة على ذلك، فإن هذا الارتطام قد يؤدىي في كثير من الحالات إلى عوقب وخيمة.. لذا فمن الواجب على الوالدين اللذين يتعرض طفلهما لمثل تلك الصدمات أن يدركا أهمية أن يعرض الطفل على أخصائي أسنان بعد الحادث مباشرة مهما كانت بساطة الصدمة أو قلة شأنها.
وأكثر الأسنان تعرضا للاصابة بالكسور نتيجة الصدمات هما القاطعان المركزيان العلويان، وتحدث غالبية الحالات فيما بين السن التاسعة والعاشرة من العمر، حيث الميل إلى العنف سواء فى البيت أو المدرسة أو الطريق العام، كما يمكن أن تحدث الاصابة فى أثناء لعب الكرة، وتصيب الأطفال الذكور أكثر من الاناث، حيث تقارب النسبة 2: 1 ويختلف تأثير الحوادث الناتجة عن الاصطدام تبعا لقوة الصدمة ونوع الجسم المسبب لها وسرعة وقوة اندفاعه وصلابته، لذا فإن الكسور التي تنتج في الأسنان تأخذ أشكالا وأبعادا مختلفة، ويمكن أن تصيب السن فى أكثر من موضع واحد وفى اتجاهات مختلفة، كما يمكن أن تكون سبب فى كشف لب هذه السن وتلفها، أو قد تكون السبب فى حدوث كسور فى جذور هذه الأسنان أو كسر الفك نفسه.
وهذه الكسور يمكن رؤيتها بالعين المجردة عند النظر للأسنان، أو قد تكون واضحة - عند حدوثها في جذور الأسنان والفك - ويمكن اكتشافها عند عمل صورة أشعة لعظام الفك وجذور الأسنان.
واضافة إلى الكسور.. فإنه من نتيجة الارتطام- اذا كان بسيطا- أن تدخل الأنسجة في تغييرات لا تتعدى بعض الانبساط والتمدد فى الأوعية الدموية الموجودة بها، والذي ينتج عنه احتقان وزيادة فى الضغط الداخلى، قد يتسبب فى هدم الشعور بالراحة وبعض الآلم الخفيفة عند تناول الأطعمة والمشروبات ذات درجات الحرارة المختلفة.
بيد أنه فى أحيان أخرى تكون الصدمة من القوة بحيث تكفى- إلى جانب إحداث الكسور- لتمزق الأوعية الدموية التي تدخل الاسنان وتعمل على تغذيتها، مما ينتج عنه موت لب السن وتعفنها ببطء، ولا تنتج عن ذلك آلام محسوسة فى الفترة التالية للاصابة.. ثم تتمكن البكتريا من النمو داخل أنسجة اللب الميتة وتتكاثر منتشرة هي والسموم التي تفرزها في أنسجة الفك المحيطة بجذور الأسنان المصابة مؤدية إلى تكوين خراج، أو تجمع من الأنسجة المريضة أسفل الجذور وحولها، مما ينتج عنه تأكل بطئ في عظام الفك لا تصدر عنه اية آلام برغم استمراره.. وتمضي العملية مع مرور الوقت وتتزايد دون أن تعطي أثارا خارجية، إلى أن تصل إلى حجم كبير مهددة الأنسجة المحيطة.
الاكتشاف.. والعلاج
وغالبا ما يتم اكتشاف تلك الحالات المتقدمة عندما يحدث تغيير في لون الأسنان المصابة نتيجة لموت أنسجتها الداخلية وتحللها. وأحيانا أخرى تكتشف تلك الحالات عندما تخترق الأنسجة المريضة السطح الخارجى للثة، وتظهر على هيئة تجمع صديدى يفرز داخل الفم.
ان طب الأسنان الحديث لديه كل الحلول لجميع الاصابات التي تحدث كسور الاسنان، وذلك بعد علاج تهتك اللثة والنزف بالطرق المعروفة واستخدام العقاقير.
ففي حالة كسر جزء صغير من تاج السن يمكن العلاج باستخدام حشوات الكومبوزيت.
وفي حالة فقدان التاج كلية وكشف لب السن، يمكن أن يبقى الجذر فى مكانه وتجرى عليه عليه إعادة بناء السن على خطوات تبدأ بازالة اللب أو بقاياه، ثم حشو قنوات الأسنان، ودفع دعامة معدنية تصنع من سبيكة خاصة، حيث يمكن أن يبنى عليها وحولها الجزء المفقود من السن، وبعد ذلك الجزء يغطى تغطية كاملة بتاج صناعي يأخذ اللون والشكل والحجم الذي كانت عليه الأسنان قبل إصابتها.. وهذه من الناحية الشكلية والجمالية والقوة تعتبر من أفضل عمليات التعويضات الصناعية.
وفى حالة كسر الجذر.. يمكن خلع السن وتعويضها إما بنوع من التركيبات المتحركة، وإما الثابتة بزراعة الأسنان عن طريق تثبيت في عظام الفك، ويظهر منها جزء يثبت فيه تاج صناعي بنفس الطريقة السابقة.