تعليق على قصيدة مغمورة!أثناء مراجعاتي لمجلة العربي العدد (554) الصادر في يناير 2005 - العدد الممتاز، وفي زاوية «إلى أن نلتقي» قرأت مقال الكاتب السعودي محمد الجلواح وكان المقال بعنوان «قصيدة مغمورة» وهي قصيدة الشاعر اليمني «عبدالله العلوي الحداد»، وقبل كل شيء نشكر الكاتب (محمد الجلواح) لأنه وضع القصيدة بين أيدينا، وللمعلومات التي قدمها عن القصيدة، حيث إنني كنت أستمع لها مغناة فقط، وبصوت الفنان عبدالله الفضالة، وقد ذكر لنا الكاتب أن الشاعر استخدم فيها بحراً جميلاً يقترب من بحر المنسرح، ويقول إنه لم يستطع إرجاع الأبيات إلى أحد البحور الشعرية المعروفة.
غير أني أرى غير ذلك، فالأبيات يمكن إرجاعها إلى البحر المتدارك، فقد جاءت أبيات القصيدة كلها على وزن (فاعِل فَعِلن فَاعِلُ فَاعِلْ فَعِلنْ فا) ابتداء من مطلعها:
الحمدُ لمن قدّر خيراً وقبالا
والشكرُ لمن صوّر حسناً وجمالا
عدا شطراً واحداً وهو صدر البيت الثامن والذي يقول فيه:
أرسلت إلينا نبياً عربياً
فإن وزنه هذا الشطر هو (فَاعلْ فَعِلْن فَاعلُنَ فاعِلُ فَاعِلْ).. صحيح أن الدرجة التامة للبحر المتدارك هي (فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ) أي لا تتجاور أربع تفعيلات في الشعر العمودي، ولكن يمكن القول وبسهولة إن الشطر الواحد في هذه القصيدة يمكن أن يحوّل إلى شطرين فتصبح القصيدة على وزن:
(فاعِلْ فَعِلُنْ فَاعِلُ
فَاعِلْ فَعِلُنْ فا)
فالمتغير هو العروض (فَاعلُ) والضرب (فا) هذه التغيرات التي طرأت على الأجزاء من زحافات وعلل هي كالآتي:
أولاً في الصدر:
1- التشعيث في فاعِلُن وهو حذف أول أو ثاني الوتد المجموع منها، فتصبح (فالنْ) أو (فاعِلْ) والتشعيث علة تجري مجرى الزحاف، علماً يجوز تطبيق زحافين على (فاعِلُن) لتساوي (فاعِلْ) الخبن، وهو إسقاط الثاني الساكن من الجزء، فتصبح (فاعِلنْ) فَعِلنْ.. ثم زحاف الإضمار وهو تسكين الثاني المتحرك من (فَعِلنْ) فتصبح (فعْلنْ) وهي هنا تساوي (فاعِلْ) من حيث الموسيقية والتشعيث أفضل.
2- الخبن وهو إسقاط الثاني الساكن من (فاعِلنْ) فتصبح (فَعِلنْ).
3- القبض وهو حذف الخامس الساكن من (فاعِلنْ) فتصبح فاعِلُ.
فصار الصدر على هذه الحالة: فاعِلْ فَعِلُنْ فاعِلُ.
ثانياً في العجز:
الحشو، نفسه الذي في الصدر، والحشو هو كل الأجزاء عدا العروض والضرب (العروض هي آخر جزء في الصدر والضرب هو آخر جزء في العجز).
والحشو: فاعلْ فعلنْ.
أمّا (فعْ) أو (فا) قد تكون علة نقص مزدوجة كالقطع والحذف وتسمى بالبتر، والقطع هو إسقاط ساكن الوتد المجموع من (فاعلنْ) وتسكين ما قبله، فتصبح فاعلْ، والحذف إسقاط السبب الأخير، فتصبح (فا)، وقد حاول الشاعر من خلال التجديد إدخالها منذ ذلك الزمن على ما أعتقد لأن المتدارك لا يدخله البتر!
وقد تكون علة زيادة، وتسمى (الترفيل) وهو زيادة سبب خفيف على ما نهايته وتد مجموع، فتصبح ) (فَعِلُنْ) فَعِلاتنْ، وبذلك يكون العجز على هذا الأساس متكوناً أصلاً من جزأين، وهما فَاعِلْ فَعِلُنْ و(تُنْ) هي الزيادة.
ومن هنا، أرى إمكان وضع القصيدة على البحر المتدارك في حين أنها بعيدة عن بحر المنسرح وعن كل درجاته ووزنه (مُستَفْعِلُنْ مَفْعُولاتُ مُفتَعِلُنْ).
وأختم كلامي بالقول: إنْ لم تكن القصيدة على البحر المتدارك فهو الأقرب لها دون أدنى شك.
والله أعلم.
أسامة مهدي الكعبي - العراق
-----------------------------------
هدية «العربي» وإسهاماتها
الأخ رئيس تحرير مجلة العربي المحترم
بعد التحية..
هآنذا أكتب إليكم للمرة الثانية علكم تتجاوبون هذه المرة، وتنشرون رسالتي كوني أحد قرّاء مجلتكم الغراء منذ العام 1995م وإلى اليوم حيث أصبحت بالنسبة لي زاداً شهرياً لا غنى لي عنه، ومن حبي لها أقوم بتعليق هديتها السنوية في غرفتي، التي انقطعت عنا من العام 2007م التي تعوّدنا عليها في شهر يناير في كل عام وإلغاؤها أحزنني جداً كلما نظرت في جدران غرفتي إلى هدايا الأعوام السابقة. كما أخبركم بأن المجلة قد أصبحت من ضمن المراجع بالنسبة للكتاب في اليمن، وإليكم أسماء بعض الكتب التي صدرت في اليمن، وكانت «العربي» من ضمن مراجعها.
- كتاب «مدينة صعدة تراث روحي» لمحمد محمد فليته، 2002م.
- كتاب «تاريخ صعدة» جزآن لخالد أحمد السفياني، 2004م.
- كتاب «الزهد والحجر في التمرد الشيعي في اليمن» لعادل الأحمدي، 2007م.
وما هذا إلا قليل من كثير كما يقال، فهنيئاً لمجلة العربي لتلك الثقة، التي تتمتع بها لدى الكتّاب والقرّاء أيضاً، وهنيئاً لها بعيدها الخمسين، وهنيئاً لكم بهذه المناسبة الغالية.
ودمتم.
صديق المجلة الدائم وعاشقها المخلص
مسفر يحيى زايد الحنبي
صعدة - اليمن
الصديق مسفر يحيى:
نشكرك جزيل الشكر على رسالتك، وعلى تهانيك بالعيد الذهبي لمجلة العربي وعلى المعلومات التي ضمنتها رسالتك عن اهتمام الكتّاب بالاستعانة بـ «العربي» في مؤلفاتهم، وهو الدور الذي نعتز به كثيراً. فيما يتعلق بهدية «العربي»، فهي لم تتوقف وقد نشرنا لاحقاً خرائط توثيقية لفلسطين، وعدا الهدية الشهرية بالملحق العلمي، ونصدر هدايا بين الحين والآخر.
وتريات
يا ليل
كفُّ المصائبِ حطَّمت قيثاري
ومع الدموع تسابقت أسراري
هذا وقد أمسى الزمانُ مُعاندي
وتقاسمت كل الجَوى أقداري
وأنا أدورُ مع الشجون بليلتي
يا ضيعتي في ظُلمتي ومداري
كم رحتُ أبحثُ في السماء عن السنا
يا ليلُ هل خنقَ الضنا أقماري
يا ليلُ هل وصل الكرى لوسادتي
أم ضاع بين تزاحم الأفكارِ
يا ليلُ هل يحنو المنام لساهرٍ
مثلي وقد رقدَ الجوى بجواري
نام الخَليُّ على فراش نعيمهِ
وأنا أبيتُ محرّقاً بإواري
وأنا أوزهُ زفرتي متقلّباً
بين الجوى ومناحةٍ الأشعارِ
عبدالناصر عبدالمولى أحمد
سوهاج - مصر
سؤال عن مسابقة التصوير
الدكتور سليمان العسكري،
رئيس تحرير مجلة العربي المحترم.. تحية طيبة، وكل عام وأسرة «العربي» عاملين وقرّاء بألف خير وبعد:
تكوّنت علاقتي بـ«العربي» قبل تعلّمي الكتابة والقراءة بالعربية، إذ ذاك كنت طفلاً، لا يفقه بالعربية شيئاً، لذلك كانت علاقتي بصرية معها، من خلال الصور، فكنت أحملها عندما كان أخي الكبير يحضرها معه بداية كل شهر، وأقلب صفحاتها كأي شاب كبير بدءاً من الغلاف، وبذلك كنت قارئاً لـ«العربي» بصورها المعبّرة التي كانت تجذب نظري. وللعلم أقول بأن مجلة «العربي» واحدة من أفضل المجلات العربية المصوّرة. وفيما يتعلق بالصورة لديّ ملاحظة وسؤال.
أما ملاحظتي فهي:
- إن باب «قالوا» وهو من الأبواب الثابتة في المجلة، كان فيما مضى مصحوباً بصور أصحاب تلك الأقوال، أو البعض منهم، وهذا غير موجود حالياً.
أما سؤالي فهو متعلق بمسابقة التصوير الفوتوغرافي ومسابقة العربي الثقافية، فبالنسبة لمسابقة التصوير الفوتوغرافي: هل يستطيع المشترك أن يرسل أكثر من صورة إلى المجلة بقصد المشاركة، وكل صورة تحمل موضوعاً مختلفاً عن الصورة الأخرى، أو صوراً عدة لموضوع واحد؟
ثم هل يجب أن يكون لدى المشترك عنوان بريدي، أعني صندوق بريد، حتى يحق له الدخول في القرعة، أم يكتفى بالعنوان ورقم الهاتف؟
والسؤال الأخير متعلق بكلتا المسابقتين.
وشكراً لاهتمامكم برسائل وملاحظات القرّاء.
إدريس أحمد حسو
الحسكة - سورية
الصديق: إدريس أحمد حسو:
فيما يتعلق بمسابقة التصوير الفوتوغرافي، يمكن للمتسابق أن يرسل أي عدد من الصور للاشتراك في المسابقة، أما فيما يتعلق بإرسال أكثر من صورة لموضوع واحد، فهذا ليس وارداً لأن اللجنة تختار صورة واحدة تتوافر فيها المعايير الفنية التي تمنحها الخصوصية والجودة.
والمهم في العنوان أن يكون صحيحاً واسم المشترك كاملاً. بالنسبة لباب «قالوا»، فإن المجلة تقوم بتطوير وتغيير بعض أبوابها أو شكل الصفحات بين آن وآخر، حتى لا يمل القارئ، ولاحقاً ربما تعود الصور مرة خرى إلى هذا الباب.شكراً لاهتمامك.
مع صادق الودّ:
الصديق قصي حسن الدالي:
وصلتنا رسالتك الودود، وبالتأكيد نعتبرك صديقاً للمجلة، وسوف ننتظر رسائلك وقصائدك، لكننا ننصحك بالمزيد من القراءة والعناية باللغة العربية التي هي الأساس في أي محاولة للإبداع الأبجدي.
الدكتور محمد أحمد القضاة - الجامعة الأردنية:
نشكرك جزيل الشكر على رسالتك، وعلى اللفتة الخاصة بتأثير «العربي» على طلبتك في الجامعة. نتمنى أن يجدوا فيها دائماً ما يفتح آفاق المعرفة.
سؤال عن القومية العربيةهل مازالت الشعوب العربية مرتبطة بقوميتها؟
قد لا نجد الآن جواباً شافياً لهذا السؤال، لكن ما يمكن قوله إن العرب في الوقت الحاضر أصبحوا شعوباً متباعدة التفكير، متناقضة المصالح تجمعها لغة مشتركة فقط. فالسياسة أبعدت الشعوب بعضها عن بعض، وتركت فجوة كبيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
هذه الفجوة تتوسع يوماً بعد يوم وتتعمّق أكثر فأكثر عما كانت عليه، ويزداد الشق ويتعمّق الانشقاق على جميع المستويات، وتنطلق الأبواق الإعلامية من العواصم لتزيد هذا الانشقاق، وتعمّقه على جميع المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى خلاف حول الكرامة الوطنية، ويثير نوازع الغيرة الوطنية على حساب المصلحة القومية.
ومن هنا يتعمّق الخلاف ويتسع الانشقاق بين الانتماء للقومية والانتماء للوطن، وهذا ما يحدث بين البلدان العربية في الوقت الحاضر، في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة إلى تكاتف من أجل الهوية القومية التي أصبحت مهددة من أطراف عدة داخلية وخارجية، مع العلم بأن جميع المثقفين يدركون الخطر الذي يحيط بهم، إلا أنهم يتجاهلون مصلحة الأمة ويفضلون المصلحة القطرية. إن الشعور القومي موجود في عقلية كل عربي، بصرف النظر عن ديانته، فقد كان للقوميين العرب غير المسلمين الدور في الدفاع عن الأمة وعن القومية العربية. فلتكن القومية الرابط بين الشعوب، ولتكن الشعوب امتداداً طبيعياً لتلك الأمة المرتبطة لغوياً وجغرافياً خاصة أن الأمن القومي أمن واحد مادامت كل البلدان العربية مهددة بالحماية الخارجية، ومادامت ثقافتنا مهددة بالعولمة المتوحشة التي تمتد بسرعة للقضاء على الثقافات الناشئة بعد ركود فترة طويلة استمرت مئات السنين لبعض الشعوب التي فرض عليها التخلف، وتحاول إعادة سياقة تراثها وأمجادها من جديد.
إن الثقافة العربية بحاجة إلى جهود كل المخلصين من أجل الحفاظ على المتبقي من هذا التراث الحضاري الذي كان منبراً ودليلاً لجميع الثقافات، حتى لو بالغنا في ذلك في الوقت الحاضر، إلا أننا متمسكون بماضينا الثقافي الذي نعتز به ونحافظ عليه من التدخلات للثقافات الأخرى المحيطة بنا، البعيدة عنا التي تحاول تدمير كل المقامات التراثية للشعوب العربية والإسلامية عن طريق خطة منهجية متفق عليها في الغرب، ودليل ما يحدث في الصحافة الغربية في هذه الأيام من رسومات تسيء إلى المقدسات الإسلامية، وتسيء إلى شخصية الرسول الكريم بالقول والفعل، وهذه بداية تحتاج إلى جهود من المثقفين والمفكرين العرب قبل غيرهم. فإذا كانت ثقافتنا العربية لها جذور في تاريخ الأمة، وليست كالجليد يذوب من حرارة الشمس، فعلينا ترسيخ ومد هذه الجذور الثقافية انطلاقاً من الماضي الذي كان منبراً للثقافات الأخرى التي أصبحت تنافس، بل تحاول تدمير الثقافة العربية والإسلامية وتشويه ماضيها بكل الوسائل، حتى تمرر أهدافها القذرة ضد الأمة وتراثها الحضاري.
علي بن مسعود نصيب مريخ
صلالة - سلطنة عُمان
الأخ علي بن مسعود:
نشكرك على رسالتك وعلى الآراء التي وردت بها، وإن كانت هناك آراء أخرى أيضاً ترى أن القومية العربية لم تمت، وأن الأشقاء العرب في أرجاء الوطن العربي، لا يلقون بالاً إلى غبار السياسة الذي قد يلقي بغيومه هنا أو هناك، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى نصابها.
أما الحفاظ على هويتنا العربية واستعادة قوتنا، فهذا يحتاج إلى جهودنا فقط دون أن نلقي باللوم على الآخرين.
«العربي» والإعلام الهادف
الدكتور سليمان إبراهيم العسكري - رئيس تحرير مجلة العربي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتمنى لكم المزيد من النجاحات المثمرة في نشر المعرفة والعلم والفكر والأدب بطريقة تجمع بين جمال إخراج المجلة والجسارة الفكرية والحكمة والهدوء، وتقبّل لجميع الآراء ووجهات النظر، فنحن في عصرنا هذا بحاجة لهذا النوع من المعرفة لكي نتطور ونرتقي فكرياً، ومجلتكم هذه لها دور كبير في تزويد الناس بكمّ هائل من المعرفة بطريقة لذيذة، وإننا بحاجة لهذا النوع من المجلات التي تسعى لنشر العلم والمعرفة، فبالرغم من إخراجها الجميل، وبالرغم من احتوائها على مواضيع لكتّاب كبار، فإن ثمن مجلتكم الغراء في متناول الجميع بخلاف المجلات الأخرى التي يدفع الناس لاقتنائها الغالي والنفيس، بالرغم من ركاكة محتواها، وبالرغم من امتلائها بصور أهل الطرب وأعراس آل فلان وحفلة آل فلان وفلان وأترابه الذين يجلسون على المقاهي، فمثل هذه المجلات تعمل بشكل مباشر على تحقير عقول الناس والاستخفاف بهم، وتركز فكرة ضرورة الكماليات من لباس ومكياج وسيارات وساعات يد وهواتف نقالة، فهذا النوع من الإعلام الهابط أعطى للناس فكرة خاطئة عن العلم والثقافة والفنون والأدب. فبعض شبابنا يظن أن العالم أو الفنان أو الأديب لابد وأن يكون منكوش الشعر وغير مرتب الهندام، وأنه مجنون أو مضطرب نفسياً، بينما الإنسان العصري هو الذي لا يهمه سوى متابعة أخبار أهل الفن وفضائحهم ومتابعة آخر أخبار الموضة، فرسّخ هذا الإعلام الهابط فكرة الاستهلاكية في عقول شبابنا، فإننا نشد على أياديكم على محاولاتكم لرفع المستوى الثقافي والفكري لدى الناس، ولكم منا جزيل الشكر.
أحمد مصطفى يعقوب
الكويت
القارئ الكريم الأستاذ أحمد يعقوب:
نشكرك جزيل الشكر على تقديرك للمجلة، وعلى الدور الذي تسعى إليه على مدى نصف قرن، ومثل هذه الملاحظات تؤكد على وجود القرّاء المتابعين للكلمة في عصر يشيع أنه لم يعد يحتفي بالقراءة، وبأن العمل الجاد يجد صداه مهما ارتفع صخب وضجيج الاحتفاء بما لا نفع فيه. شكراً لك مرة أخرى.
سؤال عن القومية العربية
هل مازالت الشعوب العربية مرتبطة بقوميتها؟
قد لا نجد الآن جواباً شافياً لهذا السؤال، لكن ما يمكن قوله إن العرب في الوقت الحاضر أصبحوا شعوباً متباعدة التفكير، متناقضة المصالح تجمعها لغة مشتركة فقط. فالسياسة أبعدت الشعوب بعضها عن بعض، وتركت فجوة كبيرة لا يمكن تجاوزها بسهولة.
هذه الفجوة تتوسع يوماً بعد يوم وتتعمّق أكثر فأكثر عما كانت عليه، ويزداد الشق ويتعمّق الانشقاق على جميع المستويات، وتنطلق الأبواق الإعلامية من العواصم لتزيد هذا الانشقاق، وتعمّقه على جميع المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى خلاف حول الكرامة الوطنية، ويثير نوازع الغيرة الوطنية على حساب المصلحة القومية.
ومن هنا يتعمّق الخلاف ويتسع الانشقاق بين الانتماء للقومية والانتماء للوطن، وهذا ما يحدث بين البلدان العربية في الوقت الحاضر، في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة إلى تكاتف من أجل الهوية القومية التي أصبحت مهددة من أطراف عدة داخلية وخارجية، مع العلم بأن جميع المثقفين يدركون الخطر الذي يحيط بهم، إلا أنهم يتجاهلون مصلحة الأمة ويفضلون المصلحة القطرية. إن الشعور القومي موجود في عقلية كل عربي، بصرف النظر عن ديانته، فقد كان للقوميين العرب غير المسلمين الدور في الدفاع عن الأمة وعن القومية العربية. فلتكن القومية الرابط بين الشعوب، ولتكن الشعوب امتداداً طبيعياً لتلك الأمة المرتبطة لغوياً وجغرافياً خاصة أن الأمن القومي أمن واحد مادامت كل البلدان العربية مهددة بالحماية الخارجية، ومادامت ثقافتنا مهددة بالعولمة المتوحشة التي تمتد بسرعة للقضاء على الثقافات الناشئة بعد ركود فترة طويلة استمرت مئات السنين لبعض الشعوب التي فرض عليها التخلف، وتحاول إعادة سياقة تراثها وأمجادها من جديد.
إن الثقافة العربية بحاجة إلى جهود كل المخلصين من أجل الحفاظ على المتبقي من هذا التراث الحضاري الذي كان منبراً ودليلاً لجميع الثقافات، حتى لو بالغنا في ذلك في الوقت الحاضر، إلا أننا متمسكون بماضينا الثقافي الذي نعتز به ونحافظ عليه من التدخلات للثقافات الأخرى المحيطة بنا، البعيدة عنا التي تحاول تدمير كل المقامات التراثية للشعوب العربية والإسلامية عن طريق خطة منهجية متفق عليها في الغرب، ودليل ما يحدث في الصحافة الغربية في هذه الأيام من رسومات تسيء إلى المقدسات الإسلامية، وتسيء إلى شخصية الرسول الكريم بالقول والفعل، وهذه بداية تحتاج إلى جهود من المثقفين والمفكرين العرب قبل غيرهم. فإذا كانت ثقافتنا العربية لها جذور في تاريخ الأمة، وليست كالجليد يذوب من حرارة الشمس، فعلينا ترسيخ ومد هذه الجذور الثقافية انطلاقاً من الماضي الذي كان منبراً للثقافات الأخرى التي أصبحت تنافس، بل تحاول تدمير الثقافة العربية والإسلامية وتشويه ماضيها بكل الوسائل، حتى تمرر أهدافها القذرة ضد الأمة وتراثها الحضاري.
علي بن مسعود نصيب مريخ
صلالة - سلطنة عُمان
الأخ علي بن مسعود:
نشكرك على رسالتك وعلى الآراء التي وردت بها، وإن كانت هناك آراء أخرى أيضاً ترى أن القومية العربية لم تمت، وأن الأشقاء العرب في أرجاء الوطن العربي، لا يلقون بالاً إلى غبار السياسة الذي قد يلقي بغيومه هنا أو هناك، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى نصابها.
أما الحفاظ على هويتنا العربية واستعادة قوتنا، فهذا يحتاج إلى جهودنا فقط دون أن نلقي باللوم على الآخرين.
«العربي»
والإعلام الهادف
الدكتور سليمان إبراهيم العسكري - رئيس تحرير مجلة العربي المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتمنى لكم المزيد من النجاحات المثمرة في نشر المعرفة والعلم والفكر والأدب بطريقة تجمع بين جمال إخراج المجلة والجسارة الفكرية والحكمة والهدوء، وتقبّل لجميع الآراء ووجهات النظر، فنحن في عصرنا هذا بحاجة لهذا النوع من المعرفة لكي نتطور ونرتقي فكرياً، ومجلتكم هذه لها دور كبير في تزويد الناس بكمّ هائل من المعرفة بطريقة لذيذة، وإننا بحاجة لهذا النوع من المجلات التي تسعى لنشر العلم والمعرفة، فبالرغم من إخراجها الجميل، وبالرغم من احتوائها على مواضيع لكتّاب كبار، فإن ثمن مجلتكم الغراء في متناول الجميع بخلاف المجلات الأخرى التي يدفع الناس لاقتنائها الغالي والنفيس، بالرغم من ركاكة محتواها، وبالرغم من امتلائها بصور أهل الطرب وأعراس آل فلان وحفلة آل فلان وفلان وأترابه الذين يجلسون على المقاهي، فمثل هذه المجلات تعمل بشكل مباشر على تحقير عقول الناس والاستخفاف بهم، وتركز فكرة ضرورة الكماليات من لباس ومكياج وسيارات وساعات يد وهواتف نقالة، فهذا النوع من الإعلام الهابط أعطى للناس فكرة خاطئة عن العلم والثقافة والفنون والأدب. فبعض شبابنا يظن أن العالم أو الفنان أو الأديب لابد وأن يكون منكوش الشعر وغير مرتب الهندام، وأنه مجنون أو مضطرب نفسياً، بينما الإنسان العصري هو الذي لا يهمه سوى متابعة أخبار أهل الفن وفضائحهم ومتابعة آخر أخبار الموضة، فرسّخ هذا الإعلام الهابط فكرة الاستهلاكية في عقول شبابنا، فإننا نشد على أياديكم على محاولاتكم لرفع المستوى الثقافي والفكري لدى الناس، ولكم منا جزيل الشكر.
أحمد مصطفى يعقوب
الكويت
القارئ الكريم الأستاذ أحمد يعقوب:
نشكرك جزيل الشكر على تقديرك للمجلة، وعلى الدور الذي تسعى إليه على مدى نصف قرن، ومثل هذه الملاحظات تؤكد على وجود القرّاء المتابعين للكلمة في عصر يشيع أنه لم يعد يحتفي بالقراءة، وبأن العمل الجاد يجد صداه مهما ارتفع صخب وضجيج الاحتفاء بما لا نفع فيه. شكراً لك مرة أخرى.