مختارات من:

تحت سماءٍ أخرى

محمد سليمان

من أين يأتي كلُ هذا الماء؟
ماءٌ على الإسفلْتْ
ماء على الشّجَر
ماء يُطهَّرُ الهواء
طوبى لهم
بالماء في الصباح والمساء اغْتسلوا
وأصبحوا بيضاً
ولم يظلّوا مثل غيرهم حصاً
يَسْودُّ في الصحراء
أود أن أسير في الحقول عاريا
أودّ أن أبتل مثل قطنةٍ
وأنْ أصيرَ مخْزناً للماء والغيومِ
غيمةٌ صغيرةٌ قد تسْتفزُّ جاري
وثلْجةٌ على القفا
قد توقظ التي تنام طول اليومِ
والذي يُواصل الشخيرَ جالساً
وواقفاً
أودّ أن أرى الهواء شفّافاً
وأن أقول للغيوم بللي
وجمِّلي
وألْحقي الغبار بالغبارِ
غرفتي في الطابق الأعلى
لكنني أفُضَّل البقاء في الخلاءِ عندما
تحُطّ قطرةٌ على يدي
وعندما
فراشةٌ تذوب في شعري
وعندما
تسّاقط السماءُ فوق الماء
ماريا شاعرةٌ هولندية
هل تعرف أن المدن تشيخُ تماماً كالفتياتِ
وأني أسْأل عنها المطر
وملاحين اصطادوا وطناً من أعماق البحرِ
وأيقوناتٍ?
أم ظلَّتْ بطواحين تشُدّ هواء من رجْليهِ
وتمنح شَعراً شكل الموجِ
ولونَ الفضّةِ
ماريا قفزتْ من لوْحات الرسامينَ
وماريا بنْتٌ في الخمسينَ أو العشرينَ
وماريا عبرتْ بالدرّاجةِ كلّ الماءِ
وماريا أطول بنتٍ دفعتْ هذا البابَ
وماريا تعرف أنّ الشِّعرَ قليلٌ جدّاً
والشعراءَ محارٌ
"سأغمض عينيك أيها الجنديُّ
لأنهما طريقُك الوحيد للقتل"
تكتب ماريا
هل نسيتْ أنّ الرّائي لا يمتهنُ القتل
وأن الأعمى آلةُ موتٍ?
هذه الشوارعُ التي تفرُّ من رجْليَّ كالإوزّْ
أجمل منها شارعُ التحريرِ والمقهى
وشارعُ المعزّ
على الأقل أستطيع قُربَ الفجرِ
أن أسيرَ آمناً
ومُغمضَ العَيْنينِ
لا الرصيفُ يستطيع أن يفرَّ من وجهي
ولا ملامحُ الوجوه
عَمَى الغريب لم يزل سَدّاً
عَمَى الغريبِ رغم المعطف الجديدِ
والخرائطِ التي أرسمها
ونُدْرةِ الكلابِ
لم أزلْ أسير في الشوارع التي بداخلي
ولم أزلْ أتوه

محمد سليمان مجلة العربي مايو 2001

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016