قل لي ما المجموعات التي تنضم إليها على الـ«فيس بوك» أقل لك؛ من أنت؟ أظن أن هذه الجملة تعبر كثيرا عن ظاهرة المجموعات «Groups»، التي يتم إنشاؤها، يوميا، وربما كل ساعة، على موقع الـ«فيس بوك» الذي يمثل واحدة من أهم ظواهر الاتصال الاجتماعي العالمي اليوم.
لعل واحدة من أبرز سمات هذا الموقع والتي أدت إلى ارتباط الأفراد به في أرجاء العالم وتكوين شبكة عولمية من الاتصال، الذي يغلب عليه طابع الصداقة والتعارف، في إطار تغلب عليه المعرفية، هو أن المسئولين عن الموقع يطورونه بشكل يومي، ويطورون الخدمات المقدمة فيه بشكل متسارع، بحيث إن مبررات استخدامه نفسها تتغير وتتطور أيضا؛ من كونه وسيلة للتواصل، ليصبح متعدد الأغراض، فمن وسيلة للتسلية، عبر العديد من الألعاب الإلكترونية، إلى موقع إخباري عبر ما يبثه المستخدمون من صلات ولقطات فيديو، ولقطات وتعليقات عما يحدث في أرجاء العالم، أو عما يتعرضون هم له شخصيا في حياتهم اليومية، أو حتى عبر انطباعاتهم وآرائهم حول موضوعات من الشأن العام أو الخاص. ومن هذا كله إلى وسيلة لقياس الرأي العالمي عبر موضوع أو خبر، يتم التعبير عنه إما في شكل التعليق من المستخدمين، أو إنشاء مجموعات Groups، حول ظاهرة أو قضية أو موضوع. وتظهر مدى تعاطف أو تضاد العواطف والآراء من عدد المنضمين إلى هذه المجموعة أو تلك.
ويبدو الـ«فيس بوك» اليوم ربما أكثر شعبية من المدونات، فما يدونه أي شخص من أصحاب المدونات الإلكترونية على شبكة الإنترنت غالبا ما يقوم الآن ببث ما يدونه على صفحته الشخصية في الفيس بوك.
لكن ما أود التوقف إزاءه هنا، هو ظاهرة المجموعات على الفيس بوك، والتي أصبحت تشكل ظاهرة في حد ذاتها، بسبب تسارع عدد إنشاء هذه الجماعات، وتفاعل المستخدمين معها، خاصة إذا كانت مجموعة تعبر عن قضية حساسة أو لها أولوية في اهتمامات الأفراد، ومستخدمي الإنترنت على نحو خاص.
بين الصحافة والسياسة
يمكن القول إن الـ«فيس بوك» اليوم هو واحد من أشهر وسائل إبراز ردود الفعل الفورية باتجاه أي حدث سياسي أو إعلامي أو اقتصادي في أرجاء العالم، حيث سرعان ما ينعكس رد الفعل على الموقع عبر تعليقات المستخدمين، التي يبثونها من أجهزة الكمبيوتر، ومن وسائط الاتصال الحديثة مثل الهواتف النقالة التي تحتوي على إمكانات استخدامها ككمبيوتر.
وفي غضون ساعات سرعان ما تنشأ مجموعة تعبر عن تعاطفها أو خلافها مع الظاهرة.
على سبيل المثال، فبعد دقائق قليلة من بث واقعة تعرض مجموعة من المصريين للقتل عقب خروجهم من صلاة العيد في إحدى الكنائس المصرية في مدينة نجع حمادي، بث ملايين المستخدمين المصريين تعليقات تعبر عن استنكارهم للحادث، وسرعان ما تتابع ظهور مجموعات جديدة تعبر عن الوحدة الوطنية بين أفراد الشعب المصري، ومنها إلى مجموعات ترفض فكرة التمييز بين الأفراد في العالم على أساس الدين، وشهدت المجموعات تفاعلا سريعا من المستخدمين.
ومن بين هذه المجموعات على سبيل المثال لا الحصر: مجموعة الدين لله والوطن للجميع، «مائة ألف مصري من أجل مصر خالية من التطرف الديني»، «اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي»، «مليون مسيحي ومسلم بيحبوا بعض بجد»، وسواها العديد من المجموعات المشابهة.
ولا يقتصر الأمر على مصر، ففي كل بلد عربي مجموعات عديدة تناهض الكثير من الظواهر وبينها في المغرب مجموعة لمناهضة الدعارة السياحية، أو الدعوة لنبذ التحدث بغير اللغة العربية، وفي الجزائر مجموعة لمناصرة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد في محنتها المرضية، وفي الكويت مجموعة أنا كويتي التي تناهض الخلافات الطائفية.
وتنقسم اهتمامات المجموعات على الإنترنت إلى العديد من الأقسام، فهناك مجموعات للمهتمين بالقضايا الاجتماعية والسياسية، وأخرى مختصة بالترويج لبرامج تلفزيونية جماهيرية، وثالثة يقوم بإنشائها المعجبون بأحد الفنانين أو الفنانات أو الكتاب العرب، أو الغربيين أو الفرق الموسيقية أو لون معين من الموسيقى، وهناك مجموعات لدور نشر مختلفة حيث يمكن لأعضاء هذه المجموعات التعرف على أحدث ما تصدره تلك الدور من إصدارات، أو ما تقوم به من أنشطة مثل حفلات التوقيع التي تقيمها الدار لكتابها أو الندوات التي تعقدها لمناقشة الكتب في حضور المؤلفين.
ومن بين المجموعات التي تحظى بشعبية كبيرة من المستخدمين تلك التي تتناول موضوعا دينيا، سواء من قبل المسلمين أو المسيحيين، وبينها مثلا مجموعات تقام للرد على من يعادي الإسلام، وأخرى تهدف إلى تصحيح الصور المغلوطة عن المسلمين في الغرب، وكذلك الأمر بالنسبة للمجموعات المناصرة للمسيحيين العرب.
هناك مجموعات أخرى تقام فقط من أجل كتب جديدة يقوم بإنشائها الكتاب أو المؤلفون واحيانا المعجبون بالكتاب. ثم هناك مجموعات التسلية التي تستهدف الصداقات، أو التعبير عن الذوق في ارتداء الملابس، أو التعبير عن الإعجاب بشخصيات كارتونية شهيرة، أو استدعاء ذكريات أحد الأحياء السكنية في مدينة من المدن، حيث تصبح المجموعة ملتقى أو الارتباط العاطفي.
ولأن إنشاء مجموعة هو أمر بالغ السهولة على الـ«فيس بوك» ولا يتطلب شروطا من أي نوع، فإن أي شخص بإمكانه أن يقوم بإنشاء أي مجموعة بأي هدف، ولأي غرض، وهو ما يمنح إحساسا بالحرية يجعل الكثيرين يرغبون في إنشاء مجموعات يكادون أن يعبروا بعنوانها عن أفكارهم أو همومهم أو ما يعتقدونه أكثر من الاهتمام بتحويل المجموعة إلى كيان افتراضي مشغول بمناقشة القضية موضوع الاهتمام.
قضايا جدلية
اللافت أن أكثر المجموعات قدرة على إثارة النقاش هي المجموعات التي تتناول قضايا جدلية سواء على المستوى السياسي او الاجتماعي، وبينها مثلا العديد من المجمعات المختصة بمناقشة وضع المرأة في المجتمع العربي، أو تلك المختصة بالدفاع عن حق المرأة العربية في التفكير والعمل والحرية، ثم المجموعات التي تتناول قضايا حساسة مثل موضوع حجاب المرأة أو الطائفية.
وبالرغم من أن أغلب النقاشات في تلك المجموعات تأخذ أشكالا من الهجوم المتبادل والعنيف بين أعضاء الجروب، لكنها تكشف في النهاية عن وجود أجيال جديدة قادرة على المناقشة والبحث عن الأدلة العقلانية التي تثبت بها وجهة نظرها، بلا خوف من رقيب او سلطة. ومثل هذه المجموعات تعطي الدليل على نضج الشباب، وقدرتهم على النقاش، وإن كانت الكثير منها تكشف عن الكثير من الغضب والتعصب وضيق الأفق، لكن التفاعل المرجو منها هو ما قد يؤدي إلى ترشيد المتعصبين وحثهم على التفكير العقلاني ومقارعة الحجة بالأخرى، وهذا هو ما يجعل من هذه المجموعات هايد بارك حقيقيا بالفعل، يمكن لكل فرد فيها أن يعبر عن رأيه أيا كان.
وعادة ما يقوم المسئول عن المجموعة بطرد أحد المستخدمين عند استخدام ألفاظ غير لائقة، وأحيانا يتطور الأمر إلى المواجهة القضائية كما فعلت الكاتبة الجزائرية المقيمة في الجزائر سهيلة بورزق بعد أن تعرضت للتهديد بالقتل من قبل شخص لم تعجبه بعض الأفكار التي طرحتها في الموقع.
على المستوى السياسي تحظى مجموعات الـ«فيس بوك» بعدد كبير من المجموعات التي تقدم نوعا من النقد السياسي للمجتمعات التي تنتمي إليها، أو في إثارة الانتباه لقضية سياسية مثل الانتخابات التشريعية والرئاسية، ويتنافس المستخدمون مثلا في طرح بدائل مختلفة لوجهات النظر السياسية أو للمرشحين، وهو ما ينطبق كذلك على الانتخابات النقابية، والحزبية.
الأكثر شعبية
وتحظى المجموعات الخاصة بالنجوم على شعبية كبيرة جدا من قبل المستخدمين مقارنة بأية مجموعات أخرى، خاصة بالنسبة للنجوم الغربيين، وغير العرب، بسبب تفاوت نسبة المستخدمين الأجانب عن العرب لأجهزة الحواسب الآلية، وبالتالي عدد المستخدمين لـ«الفيس بوك».
فمجموعة مثل مجموعة النجم الأمريكي الراحل مايكل جاكسون تتجاوز نصف المليون عضو، وهي واحدة من عديد من المجموعات التي أنشئت للنجم الأمريكي، خصوصا بعد وفاته المفاجئة قبل عدة أشهر، وفيها يتبادل المعجبون الأغنيات التي أداها وفقرات منها، وكلماتها، إضافة إلى تعبيرهم عن مشاعرهم وآرائهم تجاه جاكسون.
وبمراعاة فروق العدد بين المستخدمين الغربيين والعرب فسنجد أن مجموعات المطربين ونجوم الفن العربي هي أيضا من بين المجموعات الأكثر شعبية بين المجموعات المختلفة. لكن إحدى الظواهر اللافتة في المجموعات الآن هي ظهور مجموعات تشجع على تنمية ظواهر إيجابية في المجتمعات العربية، فهناك مجموعات تدعو للتشجيع على القراءة بوصفها الأمل في التقدم والنهضة، ومجموعات أخرى تحث الأعضاء على تنظيف مدنهم والمحافظة على جمالها، وهناك مجموعة تحث الشباب على استخراج البطاقات الانتخابية تفعيلا لإحساس المواطنين بأهمية صوتهم وبالعملية الديمقراطية.
تصحيح ذاتي
من بين الظواهر اللافتة أن العديد من مستخدمي الـ«فيس بوك» يقومون، بين آن وآخر بإنشاء مجموعات لمكافحة ظواهر سلبية تنشأ على الـ«فيس بوك» نفسه، وبينها مثلا المجموعات التي تنشأ لمواجهة من ينادي بأفكار تدعو للتعصب القومي، كما حدث إثر مباراة مصر والجزائر في كأس العالم، فأنشأت عشرات المجموعات التي تقترح الدعوة لتآخي الشعبين واحترام كل منهما لرموز الآخر، بينما أنشات مثلا مجموعة أخيرا تنادي بمكافحة ظاهرة استخدام بعض المستخدمات للفيس بوك كوسيلة لإيواء الشباب، كما تظهر مجموعات مناوئة للظواهر السلبية التي تنشأ من قبل متعصبين يؤذون مشاعر متدينين، ومقدساتهم.
إن الموضوع كبير ومتعدد بسبب وجود آلاف من المجموعات التي ربما تحتاج إلى عشرات الصفحات لرصدها، وهو ما سوف نقوم به في هذه الزاوية بين الحين والآخر ونبدأ ببعض نماذج للمجموعات الموجودة على الـ«فيس بوك» ونتابع في أعدادنا اللاحقة.
محبو مجلة العربي
هذه المجموعة تم إنشاؤها قبل فترة، احتفاء باليوبيل الذهبي لمجلة العربي، من قبل شاب مصري هو محمود صلاح، وقدم فيها نبذة عن تاريخ المجلة، وبعض نماذج من أعداد المجلة. وفي مرحلة لاحقة وجه لأعضاء المجموعة سؤالا عن قصة كل منهم مع مجلة العربي وكيف تعرفوا عليها وكيف ارتبطوا بها، وقدم الكثير منهم تجاربهم في هذا الصدد، كما أنه يشير إلى محتويات الأعداد بعد صدور كل عدد جديد، ويدعو الأعضاء للتعبير عن رأيهم في العدد، وهي آراء مهمة لأنها توجه إدارة المجلة لرغبات واحتياجات جيل جديد من القراء، وهو ما نشرت العربي جزءا منه في باب «عزيزي العربي» في عددها السابق إيمانا بدور القراء في نجاح المجلة.
ويبلغ اليوم عدد الأعضاء نحو 900 عضو، وسوف تقوم مجلة العربي بوضع رابط المجموعة على موقعها الإلكتروني قريبا تاكيدا لأهمية التواصل مع الأجيال الجديدة.
وهذا هو رابط المجموعة على الشبكة:
http://www.facebook.com/groups.php?ref=sb#/group.php?gid=38232394057
الفلاسفة
هذه المجموعة أنشئت من قبل بعض المهتمين بالفلسفة وأهميتها وتاريخها، باعتبار الفلسفة هي المعرفة العميقة للأشياء، ولكونها إحدى مرجعيات بداية الفكر الإنساني، ولارتباطها بالعلوم والفنون، ولإعلائها من شأن العقلانية.
ومن بين العديد مما تقدمه هذه المجموعة من تعريفات بالمصطلحات الفلسفية ومذاهبها نختار هذا التعريف بما يعرف بالفلسفة المتعالية:
«الفلسفة أصبح لها تأثيرها في أواخر القرن الثامن عشر وفي القرن التاسع عشر الميلاديين. وقد قامت على الاعتقاد بأن المعرفة ليست محصورة في الخبرة والملاحظة، ولا هي مشتقة منهما وحدهما. وقد عارضت بهذا الفلسفة التجريبية التي تنص على أن المعرفة تنبثق من الخبرة. ومما نصت عليه هذه الفلسفة أن حل المشكلات الإنسانية يكمن في التطور الحر لعواطف الفرد.
وطبقا للفلسفة المتعالية فإن الحقيقة تكمن في عالم الروح فقط، فما يلاحظه المرء في عالم الطبيعة ما هو إلا ظواهر أو انعكاسات ثانية لعالم الروح. والناس يكسبون علمهم عن عالم الطبيعة من خلال حواسهم وفهمهم ولكنهم يكسبون علمهم عن عالم الروح من خلال قوة أخرى، تسمى العقل الذي عرفه أصحاب الفلسفة المتعالية بالقدرة المستقلة المدركة على معرفة ما هو حق بصورة مطلقة.
ويمكن العثور على عناصر الفلسفة المتعالية في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة التي تنتمي إلى اليونان القديمة. لكن المصدر الأساسي لأفكار هذه الفلسفة كان كتاب نقد العقل المحض (1781م) للفيلسوف الألماني إيمانويل كانط.
بدأت الفلسفة المتعالية بين الموحدين في الولايات المتحدة، حيث أصبحت حركة فلسفية أدبية، دينية اجتماعية معًا. وقد بلغت ذروتها خلال الأربعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. وكان رالف والدو إمرسون الشخصية القيادية لهذه الفلسفة. وفي رأيه أن عالم الطبيعة يخدم الإنسانية عن طريق تزويدها بسلع نافعة، وبجعل الكائنات الإنسانية مدركة للجمال. وقد اعتقد إمرسون أن الناس يجب أن يتعلموا قدر المستطاع من خلال الملاحظة والعلم، غير أن إمرسون أصر على أن يكيف الناس حياتهم حسب الحقائق التي يبصرونها من خلال العقل أولاً. وقد تصور إمرسون وأتباعه أن الكائنات الحية تجد الحقيقة داخل أنفسها. وهكذا أكدوا مبدأ الاعتماد على النفس والفردية. لقد قالوا إن المجتمع شر لابد منه، وذهبوا إلى القول بأنه لكي يتعلم المرء ما هو صحيح عليه أن يغُض البصر عن العرف والتقاليد الاجتماعية، ويعتمد على العقل، ومن هنا رأى أصحاب الفلسفة المتعالية مبادئ النصرانية التقليدية وكنائسها المنظمة تدخلت في العلاقة الشخصية بين المخلوق والخالق، ومن هنا دعا أصحاب هذه الفلسفة إلى أن يخلع الأفراد نير سلطة النصرانية، وأن يكتسبوا معرفة الله من خلال العقل.
لم يكن عدد أفراد أصحاب الفلسفة المتعالية في أمريكا كثيرا، لكن كتاباتهم تركت أثرا واسعا في الأدب والفكر الأمريكي، وبالإضافة إلى إمرسون فإن سجل قادة مذهب التعالي في الفلسفة ضم برونسون ألكوت ومارجريت فولر وثيودور باركر وهنري ديفيد ثورو.
العنوان الإلكتروني للمجموعة هو:
http://www.facebook.com/topic.php?topic=10431&post=52672&uid=38232394057#/group.php?gid=116766016505