تصبحالعباراتالتيتترددبإلحاحفيوسائلالإعلامالغربيبمنزلةحقائقلدينا،حينترتديزيالواقعونكررهانحنمندونوعيفيوسائطإعلامناالعربي،وأدبياتناالمدونةوالمسموعةوالمرئية.إنأخطرهذهالمقولاتهومايصرالإعلامالغربيعليهبأندولةالاحتلالالإسرائيليفيفلسطينهيالديمقراطيةالوحيدةفيالشرقالأوسط،وهيبلاشكالحقيقةالمزيفةالتيروجلهاالغربزارعإسرائيلفيمنطقتناالعربيةمنذثلاثوستينسنة.فماذافعلتبناتلكالديمقراطية(المزيفة)المدججةبالسلاحلأكثرمنستةعقودسوىالاستيلاءعلىالأرضبالاغتصابوتعطيلمسيرةالبناء،ونهبثرواتالأوطانالعربية،وإشعالالفتنالطائفية،وإنهاكقوىمجتمعاتناالعربيةبأسرها؟
*ماذافعلتبناتلكالديمقراطيةالإسرائيلية«المزيفة»المدججةبالسلاحلأكثرمنستةعقودسوىالاستيلاءعلىالأرضبالاغتصابوتعطيلمسيرةالبناء،ونهبثرواتالأوطانالعربية،وإشعالالفتنالطائفية،وإنهاكقوىمجتمعاتناالعربيةبأسرها؟
*دولةالاحتلالتتذرعبالحربوالسلاملتزيدمنترسانتهاالعسكريةوتؤمنمخزونهاالنووي،منأجلالاحتفاظبديمقراطيتهاالكاذبة.
الصراعاتوالحروبالعربية-العربية،التيقامتنتيجةللديكتاتوريةوالتسلط،كانلهاأثرهاالسلبيعلىتوجيهكفة*الصراعمنالوقوفموحدينتجاهعدوتاريخي،إلىالتناحرالعابرللأراضيالعربية.
*صعودالديمقراطياتالحقيقيةسيكونإشارةإلىسقوطالديمقراطياتالمزيفةوفيمقدمتهاالديمقراطيةالإسرائيلية.
علىشاشة«بيبيسي»حلضيفًاوزيرالدفاعالإسرائيليإيهودباراكفيبرنامج«هاردتوك»،وشعرتُبأنمذيعالبرنامجStephenSackurستيفنساكورينقلأسئلتناالحيةإلىالمسئولاليومعنالسلاحالموجهإلىأبنائنافيفلسطين.وكانمنأغربماذكرهباراكحينسئلعنطلبإسرائيل20ملياردولارتسليحاإضافيالجيشهارغمالزعمبأنإسرائيلتريدالسلام،وتسعىإليه،فقال:إنثمنالسلامباهظعلينا،وهذهالزيادةتمثلمتراساأمنياإضافيايعززموقفنافيإدارةمفاوضاتالسلام!
لخصهذاالمشهدبالنسبةليتلكالصورةالنقيضةلكلمايتعلقبدولةالاحتلالالإسرائيلي،فهيلمتخلقكماأشيعلشعببلاأرضعلىأرضبلاشعب.لقدكانالشعبالفلسطينييمارسحقالحياةالكاملةعلىأرضهمنذآلافالسنين،حتىوهيجزءمنالإمبراطوريةالعثمانيةقبلأفولهالمصلحةالانتدابالبريطاني،الذيمهدلمنحإسرائيلشهادةميلاد،وحينهاأعطىالإنجليز-وهممنلايملكون-أرضفلسطينإلىالمهاجريناليهودمنشتاتالأرض-وهممنلايستحقون!
كانوعدبلفورالبريطانيبدايةالاحتلالللأرضالفلسطينيةوبدايةالصراععليها،وهوالصراعالذيكلفأمتناالعربيةحروباشغلتهاعنمساراتالتنميةالداخلية،وهيتتذرعبالحربوالسلاملتزيدمنترسانتهاالعسكريةوتؤمنمخزونهاالنووي،منأجلالاحتفاظبديمقراطيتهاالكاذبة.
تنقللناالأحداثوالأخباركليوممايؤكدزيفهذهالديمقراطيةالإسرائيلية،حتىداخلالهوامشالضيقةالتيمنحتهالأعضاءالكنيست،ولانزالنذكركيفصوتتأغلبيةلجنةمجلسالنواببالكنيستضدعضوتهحنينالزعبيالصيفالماضيحين«تجرأت»بمشاركتهافي«أسطولالحرية»والتيسعتإلىكسرالحصارعلىقطاعغزةالمفروضمنقبلإسرائيلمنذالعام2007،بأنترفعحصانتهاالبرلمانيةويسحبجوازسفرهاالديبلوماسيوتحاكمكإرهابية،ممادعاالزعبيللقولبأن«إسرائيلبيتالديمقراطيةتحولتالىبيتالعنصريةوالتحريض،فليسهناكديمقراطيةفيإسرائيل،ونحننعملضمنهوامشديمقراطية،وحتىهذاالهامشالضيقتحاولإسرائيلالقضاءعليه».
آخرأذنابالاستعمار
هكذاحافظالوجودالإسرائيليعلىمعناهباعتبارهآخرأذنابالاستعمارالمتطرف،فبعدعهدمنالاستقلاليحتفلبهالشعبالعربيبقيتدولةالاحتلالبمنزلةرأسالحربةالغربيةفيمواجهةالبربريةالشرقية،كماكانالصهيونيالتاريخيأوسشكينيقولليقنعأبناءالإمبراطوريةالتيبدأتتغيبعنهاالشمسبحيويةالمشروعالإسرائيليوجاءتالدولالوارثةللإمبراطوريةالعتيدةلتواصلالدورفيدعم«الديمقراطيةالوحيدةفيالشرقالأوسط»ضدكلمايندرجتحتهمنمخاوفمثلالإرهابوالتطرفوتلكالتهمالجاهزة.
إسرائيل،هذاالكيانالقوميالدينيالمتطرفالتييزعمالغرببأنهاديمقراطيةوحيدةفيالشرقالأوسط،نراهااليومفيخضمالانتفاضاتالعربيةالشعبيةضدالديكتاتوريةوأنظمةالحكمالقهريفيالدولالمجاورةلها،أوالجوارالأبعد،نراهاقلقةومتوترةمنسقوطبعضهذهالأنظمة،التيكانتتدعمهاوتحميها،كالنظامينالمصريوالتونسي،واهتزازأنظمةأخرىمنالفصيلةذاتها،فهيلاتساعدشعوباتتطلعللتخلصمنالقهروالديكتاتورية،والحصولعلىحريتهاوحقها،فيالعيشبمجتمعديمقراطيينعمبالسلاموالأمنوالتنمية،وهوالمجتمعالمفروضأنهينسجممعمجتمعهاالديمقراطيالذييبشربهالغربمنذأكثرمنستينعاما!إنهاالديمقراطيةالمزيفةالتيتواجهحركةالشعوبالساعيةللديمقراطيةوالحريةبزيادةميزانياتالتسلحإلىأرقامخيالية،وإلىالتآمرعلىمعركةالديمقراطية،والتشكيكفيمصداقيتها،وتقديمكلالدعمالخفيمنأجلعرقلةالديمقراطيةفيالجوار،حتىلاتنكشفأكذوبتهاالديمقراطيةأمامالعالم،وتبقىوحدهامدعيةالديمقراطيةوالحرية،تستجلبالعطفوالدعملهافيمواجهةالعنفوالديكتاتورياتالعربية.
كنافيالستينياتوالسبعينياتنتحدثعنأحلاموطموحاتوآمالكبيرة.تواضعتهذهالأحلاماليومكثيرابعدأنتغيرالمشهدعلىأرضالواقع،وبعدأنأصبحأصحابالحقأنفسهميسعونللتفاوضوالتنازلمعالمحتللأراضيهمسرًاوعلانية،وبعدأنعقدواالاتفاقاتالسريةوالعلنية،وبعدأنأصبحالبابللوقوففيالصورةالتييحتلهاالغربيمربالبوابةالإسرائيلية.
ولاننسىأنالصراعاتوالحروبالعربية-العربية،التيقامتنتيجةللديكتاتوريةوالتسلط،كانلهاأثرهاالسلبيعلىتوجيهكفةالصراعمنالوقوفموحدينتجاهعدوتاريخي،إلىالتناحرالعابرللأراضيالعربية.بلوالأدهىأنالحكامالذينوضعتهمالأنظمةالغربية-لمؤازرةالاحتلالأوالسكوتعنه-وجهوافوهةأسلحتهملشعوبهملإسكاتها،لتظلإسرائيلالديمقراطيةالوحيدةفيالشرقالأوسط،كماتلوكألسنةالغربالذيتلكأفيمساندةالثوراتالشعبيةضدفسادبعضالأنظمةالعربية.
منأجلدولةحديثة
فيالعام1956،قبلخمسةوخمسينعاما،كتبالاقتصاديالعربيالأمريكيتشارلزفيليبعيساوي،كيفأنالتربةالاقتصاديةوالاجتماعيةفيالشرقالأوسطلاتزالغيرعميقةبمافيهالكفايةلتمكينالديمقراطيةالسياسيةمنالغراسوالازدهار.ويقولعيساوي:«ماهومطلوبليسمجردإصلاحاتدستوريةأوإدارية،ولاهومجردتغييرفيالأجهزةالحكوميةوالأفراد،بليتخطىالأمرإلىتعديلهيكلسياسيعفاعليهالزمنلجعلهيتماشىمعميزانالقوىالجديد،بمايعكستغيرالعلاقاتبينالطبقاتالاجتماعيةالمختلفة».
والدكتورتشارلزعيساوي(1916-2000)هوالأبالحقيقيللتاريخالاقتصاديللشرقالأوسطكحقلللدراسةوقدساعدجيلينعلىالأقلمنالعلماءوالطلابعلىفهمأفضلللشرقالأوسطالحديث،وكانرئيسالرابطةالشرقالأوسطالاقتصادية(1978-1983)،وهومولودفيالقاهرةلأبوينسوريين،وقدأمضىطفولتهبينمصروالسودانولبنان،قبلأنيدرسفيأوكسفوردعام1934زميلالألبرتحورانيثمينتقلبعدالحربلتدريسالسياسةوالاقتصادبالجامعةالأمريكيةفيبيروت(1946)،ومنهاإلىالولاياتالمتحدةحيثعملبالأممالمتحدةعلىالدراساتالاستقصائيةللأوضاعالاقتصاديةفيمنطقةالشرقالأوسط،وبدأعام1951تدريسالاقتصادفيجامعةكولومبياالأمريكية،ليكونعلىمدىنصفقرنلاحقمنظـِّراللاقتصادفيالمنطقةالتيتحتضنأمتناالعربية.
لهذايأتيرأيعيساوي(القديم)حاضرابقوةحتىبعدنصفقرنمنتدوينه،حينيعلن«حاجتناإلىتحولاقتصاديواجتماعيكبيرلتعزيزالمجتمعوجعلهقادراعلىتحملوزنالدولةالحديثة».
ويضيفعيساوي:«إنهتطورضروريإنلميكنشرطاكافيالإرساءالديمقراطيةالحقيقيةفيالمنطقة.كماأنهمنالواجبتحريكالقوىالتيستحولمنطقةالشرقالأوسطعلىالنحوالمطلوب،وأنتُبذَلجهودكبيرةلتحسينوسائلالاتصال،وإنشاءالمدارس،وتحقيقالوحدةالثقافيةوالروحيةبقدرالإمكان،لأنمنشأنهاسدالهوةالتيتفصلبينالمجموعاتاللغويةوالطوائفالدينية،وأنتُبذَلجهودكبيرةبالمثللتطويرالاقتصادمنمختلفالبلدانمنأجلرفعالمستوىالعاموخلقالفرصالتيتسمحللفردبتحريرنفسهمنقبضةالقبيلةوالعائلةوالقرية».
والسؤالهوكيفلميستطععيساوي،والأجيالاللاحقةعليه،أنتهديالقائمينعلىالأمرفيأوطانناالعربيةكييتولواهذهالدعوةبنجاح؟الواقعأنجزءامنالمعضلةيكمنفيآلياتالداخللكنقسماكبيرًايدينبأسبابهإلىالخارج،وتقفعلىسلمأولوياتهالصراعالعربي-الإسرائيليالذيساهمفيعدمتحقيقذلككله،إسهاماكبيرا.
أسبابتخلفنا
لقدالتهمتميزانياتالتسليحقسماكبيرامنموازناتالدولالعربية،وهيتكبريومابعديوم،ولاتكادتكونهناكقسمةعادلةبينمايصرفعلىالتعليم،والبحثالعلمي،والثقافة،ومايكرسلشراءالأسلحةالتيلمتخضسوىحروبعبثية،اللهمإلاإذااستثنيناحربأكتوبر1973مغيرالمكتملة.
كماساهمتدائرةمفرغةفيتخلفعددكبيرمنشعوبنا؛وهيالدائرةالتيتبدأبالتعليم،وتمربسوقالعمل،وتنتهيبالبطالةوالفقر.هذاالإفقارالذيمارستهالنظمبدعوىالتفرغللجهادضدعدوخارجي(هادنتهالأنظمةوسالمتهوتعاونتمعهأمنياوتجاريا)طالسلبامناحيالتنميةالأولية،ولذلكخرجتجامعاتالعربمنسلمالتقييمالعلميالأكاديميالمعترفبه.
إنالسلامالذيسعتإليهبعضالأنظمةالعربيةمعدولةالاغتصاباليهوديةكانثمنهمزيدامنالتمكينللدولةالإسرائيليةسياسياوعسكرياواقتصادياعلىحسابالاقتصادالعربي،وإفقارًاللعرب،وهاهيقضية«الغازالمصري»التيبدأتسليطالضوءعليهاقبلسقوطنظاممبارك،تتحولإلىقضيةرأيعام،لتؤكدهذاالضعفتجاهإسرائيل.
فالغازالمصريكانلسنواتيصدرإلىتلكالدولةبأقلمنثلثالسعرالذييشتريهبهالمواطنالمصري،وهومايجعلالخزانةالمصريةتخسر9ملاييندولاريوميا،ويوفرلإسرائيلحسبالمسئولينالإسرائيليينأنفسهم10ملياراتدولارأمريكيسنويا،لاشكأنهاكانتستسهمفيالتنميةلولمتفرضمثلتلكالاتفاقاتالتيتواصلتحتستارالاستقرارالمشبوهحرمانالشعوبمنحقوقها،لمصلحةدولةتدعيديمقراطيةمزيفة،رغمأنهانهبتالأرض،وسلبتالتاريخ،وسرقتالثروات!
كماساهمتتلكالاتفاقاتالمنفردةمعالكيانالاستيطانيفيتمزيقالتعاونالقوميبينالبلدانالعربيةتحترايةأكثرمنسبب،وهيالفرقةالتيدعمتتخلفأمتناالعربية،وساهمتبالمثلفيتوقفعجلةالتنميةالعربيةالقائمةعلىالتكافلوالتكاملوالمشاركةلمصلحةرخاءالشعوبالعربيةوازدهارها.
لقدرهنالغربعلاقاتهمعنابمدىتسامحنامعالسلبالمنظملحقوقناالشرعية،ومدىمهادنتنالمطالبهالتعسفية،وقدغرقنانحنبالمثلفيقبضةالغرب،وأضعناعمقناالآسيويوالإفريقي،بمافيهمنثرواتبشرية،ومواردطبيعية،وأسواقمليونية،يمكنأنتمثلبديلاحقيقيايساهمفيإزدهارمنطقتناالعربيةالتيلاتعوزهاالمواردولاتنقصهاالعزائم.لقدبدأالانقساميهددالحدودالسياسيةالتيرسمهاالاستعمارويسعىنفسهلتغييرها،وهاهيالسودانتتخلىعنجنوبهافياستفتاءرعاهالغرب.
كمابدأتبلدانحوضنهرالنيل-مدعومةبمساندةإسرائيليةمعلنةتبنيسدوداعلىمجرىالنهر-فيإعادةالنظرفيالاتفاقاتالتيتمنحمصروالسودانحقوقاتاريخيةفيالاستفادةبمياهالنيل.وهذانالنموذجانيمثلانمعاصورةلمحاولاتأطرافعديدةفيالاعتداءعلىالحقوقالعربيةبدعملايخفىممايُدعى«الديمقراطيةالوحيدةفيالشرقالأوسط»!
وهنالاأريدأنأدونتوصياتجديدةتضافإلىمئاتالتوصياتالتيتحفظهاأدراجمؤسساتناالعربيةالمشتركة،وأولهاالجامعةالعربية،وإنماأشددعلىأنالوقتقدنفدعلىمنعمحاولةالتخلفمنالحدوث،إلاأنهلميعلنعننهايةالأملفيالتنمية.
إنذكرىمرور63عاماعلىسقوطفلسطين،وإقامةالكياناليهوديعليها،تأتيمتزامنةمعحركةشاملةتمتدعلىطولوعرضالأرضالعربيةرافضةالاستمرارفيقبولواقعفرضعليها،ولميعدمناسبالحياتهاالحاضرة،بمايفرضعلىالسلطاتالعربيةكافة،والشعوبالعربية،أنتعيدحساباتهاعلىمختلفالمستويات،داخلياوخارجيا،حساباتتضعفيبرامجهاإعادةالبناءالشاملعلىأساسكلالحريةوكلالثروةوكلتقريرالمصيرللشعبوحده.معالالتفاتإلىالبدءفيبناءأسسالنهضةالتيلننتخلصمندونهامنهيمنةأكذوبةالديمقراطيةالإسرائيليةفيالشرقالأوسط.
البدايةالحقيقيةللتنميةالمستدامةتبدأحينننظربعينالتجاربالمريرةللفرقةوالشتات،منأجلأنتعودكلمةواحدةتدفعناللعمل:المستقبل.
يدعوناالمستقبلإلىأنننشئديمقراطياتحقيقية،تعملمنأجلشعوبها،فلنيؤمِّنالمستقبلمكانالناتحتسمائهإلاإذاكناجادينفيمسيرةالتنميةالمستدامةلكلالشعوبالعربية،وعلىالأصعدةالمجتمعيةكافة.وماأؤكدعليههوأنصعودالديمقراطياتالحقيقيةسيكونإشارةإلىسقوطالديمقراطياتالمزيفةوفيمقدمتهاالديمقراطيةالإسرائيلية.