مختارات من:

المرأة اليمنية نصف المجتمع .. نصف الثورة

أفراح ناصر

بعد أن هبت رياح التغيير القادمة من تونس ومصر، انطلقت الثورة اليمنية في 3 فبراير 2011، وسلطت الأضواء على هذا البلد الذي طالما كان يدعى بـ «معقل القاعدة والتطرف». هذا البلد العريق، الذي حكمته في يوم من الأيام الملكة بلقيس ملكة مملكة سبأ في مأرب، والملكة أروى، وخصه رسولنا الكريم بالذكر حينما قال عنه «الإيمان يماني والحكمة يمانية». وفي الوقت الذي لاتزال الثورة اليمنية قائمة في مختلف المحافظات لتحقق مطالبها في تغيير النظام والمطالبة بالحرية والكرامة لكل أبنائه اليمنيين في الداخل والخارج.

خلال أيام الثورة والوقفات الجماهيرية ظهر العديد من الملامح التي تميز شباب الثورة، وشعب اليمن بكامله، ومن بين مابدا لافتا للانتباه هو الدور الكبير الذي لعبته المرأة اليمنية في مسيرة الثورة. المرأة اليمنية اليوم خرجت من التهميش المفروض عليها وأكدت موقعها في ترسيخ دعامات البنية السياسية في اليمن، وفي صياغة البنى الاجتماعية الجديدة بين كل أبناء وبنات اليمن. فليس خافيا على من يعرف اليمن أن الأعراف والتقاليد اليمنية تقتضي ألا ترفع المرأة صوتها، وإن فعلت فذلك غير مقبول تماما اجتماعيا.

قبل الثورة كانت المرأة، وفقا للصورة المرسومة من قبل السلطات الاجتماعية والعرف كيانا صامتا، لا يحق لها حتى أن ترفع صوتها لتنادي على أي شخص ولو كان ابنها، لكن الثورة أعادت للمرأة اليمنية صوتها، فهي تقف خلال الاعتصامات جنبا إلى جنب مع أبيها وأخيها وابنها، وتصرخ بأعلى صوتها وتردد الشعارات مثلها مثل الرجال المعتصمين جميعا. صوتها اليوم مرحب به جدا، فهو يمثل وحدة هذا الوطن بكل مكوناته على التماسك في طلب الحرية والديمقراطية.

اعتراف اجتماعي

هناك على ما يبدو اعتراف شامل بأهمية صوت المرأة في مشاركتها للثورة اليمنية، حيث تمثلت مشاركة المرأة من البداية بمشاركة بسيطة ولم تتعد المشاركات إلا بالعشرات ومع مرور الأيام تزايدت أعدادهن لتضم المئات والمئات من النساء. وتجدر الإشارة إلى أن الأعداد النسوية قد تصل لمئات الآلاف في جميع المحافظات. إضافة إلى ذلك، هي اليوم موجودة بقوة في حلقات التوعية السياسية القائمة في خيم الاعتصامات بساحات التغيير في مختلف المحافظات، تدلي برأيها وتناقش كل الشئون السياسية بالمستوى نفسه مع أخيها الرجل. ومن اللافت أيضا، أن العديد من الطبيبات اللائي وقفن بجوار إخوانهن وأخواتهن من المتظاهرين هن متطوعات في المستشفى الميداني بساحات التغيير في مختلف المحافظات لتقديم العون للمصابات وجرحى القمع العنيف من قوات الأمن.

كفاح متواصل

ومن المثير للاهتمام أيضا أن وقوف المرأة أوالفتاة اليمنية للمطالبة بحقها وحق الأجيال الجديدة في الحرية منحها صورة جديدة جعلتها تقف في الميدان دون أن تخشى أن يتحرش بها أحد في شتى ميادين التغيير، مع أن الشائع أن المرأة في اليمن كثيرا ما تكون عرضة للتحرش والمضايقات من مجرد سيرها في الطريق.. المعاملة الطيبة التي تتلقاها النساء من المعتصمين الرجال شيء في غاية الروعة، وبكل ود واحترام تتلقى النساء نظرات الاعتزاز بقدومهن من قبل الشباب في الساحات. نظرات يملؤها التقدير والمحبة لقدومهن. ولا شك أن حياة المرأة في اليمن صعبة، مثلها في ذلك مثل الغالبية العظمى من نساء الدول النامية، وكل يوم هو تحدٍ للمرأة في المدينة أو الريف. فالنساء في اليمن عشن في كفاح متواصل لنيل حقوقهن في البيت وفي الشارع وفي العمل. وكان على المرأة اليمنية، في أي مجال تخوضه، أن تواجه تحديات جمة وأن تضاعف مجهودها بشكل كبير حتى تنال ربع حقوقها البسيطة.

وما ينبغي الإشارة إليه أن الحركة السياسية النسوية في اليمن أخيرا يمكن وصفها بأنها كانت خجولة، بالرغم من وجود عدد من الناشطات السياسيات والنساء اللاتي يتمركزن على مواقع سياسية، ولكن أعدادهن قليلة.

الرهان على الوقت

شخصيا، ومن خلال احتكاكي بالمجتمع أعتقد أن النساء مازلن حبيسات خوفهن، وأن ذلك يؤدي إلى ضعف وعيهن السياسي، لكن البديهي أن استعادة هذا الوعي عملية تستغرق بعض الوقت ونحن لانزال في البداية. بالرغم من أن الرئيس علي عبدالله صالح قد خصص 15في المائة من الكوتة لحق المرأة في مقاعد البرلمان اليمني، إلا أن تلك المقاعد لاتزال شاغرة جزئيا مما يشير إلى نقص في الكفاءات النسوية في المجال السياسي باليمن.

ومع كل تلك الحقائق، أثبتت المرأة اليمنية اليوم بمشاركتها الفعالة في الثورة، أنها جزء لا يتجزأ من كينونة هذا الوطن، فهي نصف المجتمع ونصف الثورة. المعتصمات النساء في ساحات التغيير في مختلف المحافظات اليمنية ينتمين إلى مختلف الشرائح الاجتماعية في اليمن. تجد الفتاة المراهقة والمسنة وتجد المنقبة والكاشفة وجهها والفقيرة والغنية والمثقفة والقروية والمتحررة والمتحفظة وهكذا. كل اليمنيات بمختلف شرائحهن هن في ساحات التغيير جنبا إلى جنب مؤازرات لشباب الثورة، يصرخن ويرددن شعارات الثورة معا.

وعي النساء حاليا بأهمية انضمامهن في بناء وطن جديد مليء بالكرامة والحرية لكل أبنائه ذلك أصبح أكبر من أي وقت مضى. ومع كل يوم يمر فإن كل امرأة تتحلى بثقة أكبر في دورها المهم والفعال في الاهتمام بشئون هذا الوطن. ثقة النساء اليوم بأنفسهن ودورهن أكبر من أي وقت مضى والفضل يعود إلى الثورة.

هذا هو فعلا ما يحققه الشباب العربي وشباب اليمن اليوم. فهنيئاً لشعوب أرادت تحقيق نهضتها ومجدها بإرادتها.

أفراح ناصر مجلة العربي يوليو 2011

تقييم المقال: 1 ... 10

info@3rbi.info 2016