الأخ الفاضل الدكتور / سليمان العسكري.. المحترم
تحية أثيرية تعطر أيامكم أينما كنتم، وبعد:
قرأت في العدد 650 - يناير 2013م من مجلة العربي مقالاً للكاتب محمود قاسم بعنوان «مائة عام من السينما الهندية»، وأحب أن أضيف أن السينما الهندية «الناطقة بأكثر من عشرين لغة محلية» بدأ انتشارها بطيئًا في العام 1913م، حيث تم تحقيق ثلاثة أفلام صامتة في ذلك العام. في العام التالي اقتصر الإنتاج على فيلم واحد ثم لا شيء في العامين 1915 و 1916 ثم عودة إلى ثلاثة أفلام في العام 1917، ومنذ ذلك الحين أخذ عدد المنتج من الأفلام في ازدياد مطرد عقدًا وراء عقد.
وفي العام 1929 تجاوز عدد الأفلام الهندية المنتجة ولأول مرة المائة فيلم في العام. وفي سنة 1933 تجاوزت الهند لأول مرة سقف الـ200 فيلم في السنة، وفي العام 1959 ارتفع عدد الأفلام إلى 304 لأول مرة.
في الستينيات تجلّت قيادة السينما الهندية للعالم بالنسبة لعدد الأفلام المنتجة، فوصلت إلى معدل يفوق الـ400 فيلم تم إنتاجها في سنة 1984.
في العام 1991 تم تسجيل 948 فيلمًا روائيًا طويلاً تم إنتاجها في الهند، أي بزيادة 167 فيلمًا على العام الأول من مطلع العقد. وفي بلد يتجاوز عدد سكانه حاليًا 1.2 مليار نسمة، هذا طبيعي، أما غير الطبيعي فهو ما تتعرض له السينما اليوم في الهند من متغيرات نتيجتها أن 5 في المائة من الأفلام المنتجة فقط هي التي تحقق أرباحًا، بينما كانت النسبة في السنوات الذهبية للسينما الهندية الممتدة ما بين الأربعينيات والسبعينيات معكوسة تمامًا.
يعتبر بعض النقاد أن السينما الهندية مجرد سينما ترفيهية تقوم أفلامها على استخدام تلك الشروط الترفيهية من غناء ورقص واستعراضات وتصاميم مناظر وديكورات ضخمة وملابس ثم معارك والمزيد من المعارك حتى انتصار البطل ذي القضية على الجماعات الأقوى والأكثر شراسة وقوة.
ومن غير المنطقي وصم كل السينما الهندية لمجرد أنها سعت لأن تكون ترفيهية أساسًا، بل بالعودة إلى أفلام مثل «الأم» و«أغنية الهند» و«الشريد» و«رحلة لما وراء البحار الثلاثة» و«المدينة والحلم». وهي نماذج موزعة على عقود مختلفة، نجدها محبوكة كعناصر درامية بالنظر إلى شروط وضعها المشاهدون حتى على مستوى المادة الاستهلاكية.
ومن أهم المخرجين الهنود الذين عرفوا كيف يشقون طريقًا عالميًا بأفلام هندية مختلفة عما يطلبه الجمهور الكبير «مرينال سن» و«سساتياجيت راي»، على الرغم من أنهما لم يتمتعا في مقابل شهرتهما العالمية بموقع تجاري طيب في بلادهما.
الحركة التي ينتهجها الفيلم الهندي اليوم أصعب بكثير من تلك التي انتهجها عندما كانت الصناعة قائمة على أسس صارمة من الحرفة بصرف النظر عن القيمة الفنية لها.
ومادام هناك جمهور كبير فلا خوف على سينما تستطيع النفاذ إليه، لكن مع غياب الطاقم الذي خبر العملية في ظروف صناعية وتجارية أفضل، فإن صرح السينما الهندية الكبير مهدد اليوم أكثر من أي وقت مضى.
جميل أحمد الهتار
بعدان - اليمن