تمثلحريةالتعبيرحقًامنالحقوقالأساسيةللإنسان,وبالرغممنذلك,فإنهذاالحقالإنسانيشابتهكثرةمنالإعاقاتوالموانعفيعالمناالعربي,ولعلالإقرارالعامبهذهالحقيقةهوالذيحتّمعلىالنخبالعربيةالمثقفة,فيأكثرمنموقعإعلاميوثقافيأنتفتحهذاالملف.ولقدكانالمؤتمرالدوليالذيعُقدلهذاالهدففيالخريفالماضي,واستضافتهمكتبةالإسكندريةأحدنماذجالاستجابةالضرورية-ثقافياعلىالأقل-لمناقشةهذاالحقالجوهريمنحقوقالإنسان.
*أوجاعحريةالتعبيرالعربيةحولتالمؤتمرالعالميإلىمحفلعربيللصراخالمشروع
*فتحملفحريةالتعبيريعكسشعوراًمتزايدًالدىالنخبالعربيةبأنالأمورينبغيألاتظلعلىماهيعليه
*تقييدحريةالتعبيربأساليبمعطلةيجعلالناسوكأنهميتنفسونفيكيسمغلقويوشكونعلىالاختناقبزفيرهم!
*هلتمثلقوانينحقوقالملكيةالفكريةحرمانًاللدولالفقيرةمنتوسيعمجالهاالمعرفيوإعاقةلحرياتالتعبيربها?!
فيالفترةمن18إلى20سبتمبرالماضي,شاركت,بدعوةمنمكتبةالإسكندرية,فيفعالياتمؤتمرعن(حريةالتعبيروالرقابةعلىالإبداع),ولقدأرادالقائمونعلىأمرالمؤتمرأنيكونعالميًا,لكنأوجاعحريةالتعبيرفيالعالمالعربيحوّلتهذاالمؤتمرإلىمحفلعربي,بالرغممنوجودمتحدثينومشاركةفيالتمويلمنغيرالعرب,وليسهذاالتغييرممايمكنالاحتجاجعليه,بلهوممايجبالتماسالعذرله,فأوجاعحريةالتعبيرفيأرجاءعالمناالعربيفاقتحدّالاحتمال,فلميمكنهممنعإطلاقصرخاتهمالخاصة,القطريةمنهاوالقومية,حالأتيحلهمفضاءمناسبللتعبيرعمّايتألمونمنه,وكانتالإتاحةمتسعةلأبعدمدى.
هذاالانعطافمنالعامإلىالخاصلميمنعالمؤتمر-فيرأيي-منأنيظلبهالكثيرمنالتأصيلللموضوعالشائكوالمركب,والعناصرالمشتركةبينالناسأجمعين,وهما-التأصيلوالعناصرالمشتركة-مماينبغيالرجوعإليه,خاصةأنالموضوعينبغيأننوليهنظرةخاصةمنزاويةثقافية,فيمطبوعةكـ(العربي)تعنىعنايةفائقةبالثقافة,وضمنرؤيةنصرّعليهامؤداهاأنالارتقاءفيأيمنمناحيحياتنا,الاجتماعيةمنهاأوالسياسيةوالاقتصادية,لايمكنالاضطلاعبهإلاعبرمعالجةثقافيةلجذورالمنحىالذيتسيرفيه.
لاشكفيأنحريةالرأيوالتعبيرتلقىاهتمامًاواسعًاعلىالمستويينالعربيوالعالمي,ويتضمنذلكبداهةحقكلإنسانفياعتناقالقيموالآراءالتيينتقيهاأويصلإليهاباختيارهوبحثه,دونأنيلقىأينوعمنالاضطهادأوالإعاقة,ماداملايتجاوزأويعتديبهذهالحريةعلىحقوقالآخرين.وحريتهفيالتعبيرعنهذهالآراءينبغيأنتكونمكفولةبشتىالوسائل,إضافةإلىحريتهفيالحصولعلىالمعلوماتونقلهاإلىالآخرين.
إنهذاالحقالبدهيمنحقوقالإنسان,أشارإليهالمؤتمرمنزاويةقانونية,حينأوضحد.محمدنورفرحاتأن(القيمةالفكريةالكبرىالتيتحكمضميرعالمنااليومهيقيمةحقوقالإنسان,وعنطريقمرجعيةمبادئحقوقالإنسانيكونالحكمعلىأيتشريعمنظملمهنةالصحافةوممارسةحريةالرأيوالتعبيربالسلبوالإيجاب).
هذاالرأيلأحدالمراجعالقانونيةالعربيةهومماتمتأصيلهعالميا,فتبعًاللدستورالدوليلحريةالرأيوالتعبير(المادة19منالإعلانالعالميلحقوقالإنسان,والمادةنفسهامنالعهدالدوليللحقوقالمدنيةوالسياسية),تنصالمادتانعلىأنه(لكلإنسانالحقفياعتناقالآراءدونمضايقة,ولكلإنسانحقفيحريةالتعبير,ويشملهذاالحقحريتهفيالتماسمختلفضروبالمعلوماتوالأفكاروتلقيهاونقلهاإلىالآخريندونمااعتبارللحدودسواءعلىشكلمكتوبأومطبوعأوفيقالبفنيأوبأيوسيلةأخرىيختارها).
حقوقوحدودوصراعات
هذهالإشارةإلىالحقفيحريةالتعبير,تستدعيبداهةالسؤالعنحدودممارسةهذاالحق,ومنثمتبرزمسئولياتمحددةتستوجبإخضاعهذاالحقلعددمنالقيود.وحتىلاتتحولهذهالقيودإلىإجراءاتتعسّفيةتصادرحريةالرأيوالتعبيرمنأساسها,تموضعبعضالشروطالتيتحدّمنجورهذهالقيود,منها:(أنتكونهذهالقيودمفروضةبقانون,أيبأداةتشريعية.ومنالمفترضأنيكونالبرلمانالذييضعالتشريعمنتخبًابطريقةديمقراطيةحرة,وممثلاللشعبتمثيلاحقيقيًا.وأنتكونهذهالقيودلازمةلاحترامحقوقالآخرينوسمعتهم,ولحمايةالأمنالقوميأوالنظامالعامأوالصحةالعامةأوالآدابالعامة),وثمةحدودأخرىفيالمادة20منالإعلانعنحريةالرأيوالتعبيرتنصعلىأن(تُحظربالقانونأيدعايةللحرب,وأيدعوةللكراهيةالقوميةأوالعنصريةأوالدينيةتشكلتحريضًاعلىالتمييزأوالعداوةأوالعنف).
منجانبآخر,هناكاتفاقياتدوليةلحمايةمصالحالدولمنالنشرالمناوئلها,كماهوالحالفيالاتفاقيةالخاصةبالحقالدوليللتصحيح,التيوافقتعليهاالجمعيةالعامةللأممالمتحدةفي16ديسمبر1952م,والتيتهدفإلى(مكافحةبثالمعلوماتالكاذبةأوالمحرّفةالتيمنشأنهاأنتلحقالأذىبالعلاقاتالوديةبينالدول.وأنتفادينشرمعلوماتمنهذاالنوعأوالتخفيفمنأضرارهايتطلبقبلكلشيءتشجيعنشرالمعلوماتعلىنطاقواسع,وإذكاءحسّالمسئوليةلدىأولئكالذينيحترفوننشرالأخبار).
وبالنسبةلحمايةحقوقالأفراد,فإضافةإلىفرضقيودلحمايتها,أصدرتالجمعيةالعامةللأممالمتحدة(ديسمبر1990)إعلانابالمبادئالتوجيهية(لتنظيمملفاتالبياناتالشخصيةالمعدةبالحاسباتالإلكترونية),ونصتعلىضرورةإدخالهذهالمبادئفيالتشريعاتالوطنية.وهذهالمبادئهي:(مبدأالمشروعيةوالنزاهةفيجمعالبيانات,ومبدأصحةالبياناتودقتها,ومبدأتحديدومشروعيةالغايةمنجمعالبيانات,ومبدأمعرفةالأشخاصمحلهذهالبيانات,ومبدأعدمالتمييزبألايؤديتسجيلهذهالبياناتإلىممارسةالتمييز,ومبدأعدمجوازالاستثناءمنبعضهذهالمبادئإلابقانونولاعتباراتالأمنوالنظاموالصحةالعامةوالأخلاقالعامةوالحفاظعلىحقوقوحرياتالآخرين,ومبدأحمايةالبياناتوكفالةالأمنلها).
هذهالحدودالمحيطةبحريةالتعبيرعنالرأيأصبحتمنالقضاياالملحةفيالتشريعالدوليوالإقليميوالمحلي,فيظلالثورةالمذهلةفيصناعةالاتصالات,فالسرعةالهائلةلتدفقالمعلوماتفيعصرالسماواتالمفتوحةلمتعدمقصورةفيتأثيرهاعلىالصحافةوحدها,بلتخطتهاوتجاوزتهاوامتدتلتشملكلوسائلووسائطالإعلام,المسموعةوالمرئية,والمكتوبة,وأقول,المتخيلة,حيثتتميزثورةالاتصالاتمنناحيةالتقنيةبخصائصثلاثهيكمايلي:تلاشيالمكان,واختزالالزمان,والاستعصاءعلىالقيودالإدارية,(الأمرالذييخرجهاعنسيطرةالدولةالوطنيةبكلأجهزتهاالتقليدية).كمايقولد.محمدنورفرحات.ولعلهذهالملاحظةعنتلاشيالحدود,هيممايؤكدعلىأنقضيةحريةالتعبيرلميعدممكنااعتبارهاشأنًامحليًاخاصًا,فهيقضيةإنسانيةعامة,منذبدايتهاالتاريخية,وحتىالمتغيراتالراهنةفيالعالم.
فحريةالتعبيرلهاتاريخطويلمنالصراعاتلايقتصرعلىالبلدانالناميةالمحرومةمنالديمقراطية,حيثشهدتاريخالدولالديمقراطيةالليبراليةذاتهاأزماتوصراعاتطويلةوواسعةكانضحيتهاحريةالرأيوالتعبير.وهناكقائمةتتصدرهاحربانعالميتانوظواهرلاتقلشذوذاومفارقةمثل:النازيةوالفاشيةوالماكارثية,وقمعثوراتطلابالعالمفيعام1968.وقدوقعتفيالدولالديمقراطيةوالليبراليةذاتها.
ويضافإلىذلككلالتاريخالاستعماريلهذهالدولضدأغلبيةالعالموالحربالباردة,بينالمعسكرينالرأسماليفيالغربوالاشتراكيفيالشرق,والتيلاتقلمنحيثنتائجهاالكارثيةعلىحريةالتعبيرمنالحربينالعالميتينالأولى1914,والثانية1939ومابعدهما.وهناكأيضًاقائمةأقلفجاجةتتصدّرها-علىحدتعبيرمحمدحاكم-فيمداخلته-(كلالمنتجاتالفكريةمنالاستلابالسلعيوالاغترابالإنساني,ذيالبعدالواحدوالعنفالرمزي,ومجتمعالاستعراض,والمتلاعبينبالعقول,والمجتمعالاستهلاكي).
وبالرغممنأنه(فيالعصرالراهنتبنّتالمنظماتالدوليةوالعالميةوأنتجتمعظمالخطابالجاريعنحريةالتعبير,وقدمتكلالدعم,بالدعايةوالمساندةالماليةللحكوماتولمنظماتالمجتمعالمدنيخاصة.ورغمذلكظلتمحبوسة-بفعلشللفاعليتهاالسياسية-داخللغةدبلوماسيةوحقوقيةمهذبةتأخذشكلدعواتوإعلاناتومبادئومواثيقتليقبالاتفاقحولهامندولذاتسيادةقومية,وأبعدماتكونعنتأسيسحقلنظريلحريةالتعبيريحددبنيةالصراعاتوالفاعلين,وبالتاليتنتجمفاهيمبديلةقادرةعلىتحليلوتغييرالواقعبدلالدعوةإلىترشيدهوإصلاحهعلىغرارالنموذجالسائدالذيلميمنعأيامنجرائمالنازيةوالفاشيةوالمكارثية).
لقدأوضحتالسطورالسابقةأمورًاتشيرإلىموضوعيةعالميةالقضية,لكنهذهالسطورأيضًاتنبّهإلىوجوبالتناولالنقديلمايردمنخارجالحدودمطالبًابتدعيمحريةالتعبير,فتشابكالمصالحوحياديةالأغراضوالأهواءتحتّمضرورةفرزمافيهإعلاءشأنحريةالتعبيركحقجوهريمسلّمبهمنحقوقالإنسان,عنذلكالذييتوخىالضغطالسياسيأوالاجتماعيأوالاقتصاديبذريعةهذهالحريةوتلكالحقوق,والأمثلةكثيرةفيأوطاننا,حيثتخلطالقوىالعظمىضغوطهاباسمحريةالتعبير,حرصًامنهاعلىحقوقالإنسانالعربيوالمسلم,ضمنمصالحهاالاقتصاديةوالسياسية,فنرى-فيالوقتنفسه-ضغوطًاهناودعواتمنأجلحقوقالإنسانوحريتهفيالتعبير,وعبرالحدودتتجاهلتلكالمبادئوتتخلىعنتلكالضغوطوالمطالبة,حيثمصالحهاالمباشرةمرتبطةبذلكالديكتاتورالذيتعملعلىتلميعهوإعادةتجهيزهلطرحهمرةأخرىقائدًاللبناءوالتنمية!
ولعلالاتفاقعلىالمفاهيميكونرادعًااستباقيًالتدقيقالفرزبينالمغرض,وذلكالبريءمنالغرضفيالمناداةالدوليةبحريةالتعبيروحقوقالإنسان.ولنعدإلىمحاولةتحديدالمفهوم,ومنواقعمؤتمرنانفسه.
هناكالكثيرونممنيستخدمونمصطلح(حريةالتعبير)لكنهملايتفقونفيالواقععلىمفهومموحّدلهذاالمصطلح,وقدتتناقضالمفاهيمفيهذاالمجال,وهناكثلاثوجهاتنظرحاولبلورتهاالمفكرالمعنيبقضيةحقوقالإنسان(أندروبوديفات),الأولىهيالفكرةالأنجلو-أمريكيةالتيترىحريةالتعبيرشيئًاأساسيًالتحقيقالذات,وشرطًاضروريًالتحقيقالوجودالإنساني,ويتمثلهذافيتراث(ملتون,ولوك,وميل)-فكرةالحرية.ويجدالرأيالثانيالتعبيرعنهفيالقانونالدوليلحقوقالإنسانالصادرفي1945م,ويقررأنحريةالتعبيرحقأساسيفيالديمقراطية,والذيلايمكنأنتتعززبغيابهشتىالحقوقوالحرياتالأخرى-مفهومالديمقراطية,والمفهومالثالثالشائعفيالعالمالمتطورالحديثيتمثلفيأنحريةالتعبيرهيأساسالتقدمالاجتماعيوالبيئيوالتطوري.
فيمواجهةهذهالمفاهيمالثلاثةلحريةالتعبيرتأتيأهمالتحدياتمنالعولمةالحديثة(فقوةأجهزةالإعلامصارتتفرضإرادتها,دوناستخدامللعنفالمادي!,حيثأصبحتشركاتالاتصالاتالآنضمنأضخمالمؤسساتالعالمية.فكيفيمكنللأعمالالضخمةالتيتميلإلىالاحتكارمنخلالالتنافسالشديدوالتيتبحثعنمصالحهاالخاصة,أنتتفقمعطموحاتأيوجهةنظرحولحريةالتعبير?).
ويمثل(الالتقاءالمتناميفيعالمالاتصالاتبينالشبكاتوالأجهزةوالصناعةككلمنناحية,والتنظيمات,منناحيةأخرىتحديًاآخريواجهحريةالتعبيرلميبدأوضعهفيالاعتباربشكلجادحتىالآن,مثلهمثلالتحدياتالجديدةفيمجالحقالنشروحقوقالملكيةالفكرية).
ومنالتحدياتالتيتواجهحريةالتعبيرفيالمجالالإعلامي,وتنصبّعلىالممارسةالعربيةفيهذاالشأن,كانتهناكمداخلةجريئةومتماسكةلصحفيلامعمنالمشاركينفيالندوةوالعاملينخارجالوطن,عنالحرياتوأوهامهافيالاعلامالعربيالمهاجر,أشارتإلىتحكمجهةالتمويلالماليفيسياسةالنشرفقد(أوحتالصحفالعربيةالمهاجرةومعهاالفضائياتالعربيةمنذظهورهافيالتسعينيات,أنهامعالتغييروالتعدديةوحريةالتعبير,لكنالذيحصلأنالجهاتالتيتنفقعلىهذهالفضائيات,إمامباشرةأوعبرأشخاصموثوقين,ازدادتقوةولميظهرمايهددهامنتلكالحرياتالوافدة.طبيعةوتأثيرهذهالحرياتالمزعومة).
إنالاختلافالراهنحولحريةالرأيوالتعبيروالاختلافبينالشعاروالواقعأفرزتعددًاللنشطاءالذينتنوعتمشاربهمومراميهم,مماأفرزالتكاثرالخطابيحولحريةالتعبير,منالإدارةالأمريكيةإلىالمجتمعالمدنيالمحليمرورًابالمؤسساتالعالميةوالدولالقوميةوبعضقوىالمجتمعاتالسياسيةالمحلية.(ولمينتجعنهذاالتكاثرالخطابيتعددولاتنوع-كمايرىمحمدحاكم-فيفهمطبيعةحريةالتعبيرولافيتحديدمجالهاولافيكيفيةتحقيقها,فقدظلتالرؤيةالسائدةأنحريةالتعبيرشعارسياسيمقبولمنالجميعوقاعدةقانونيةمعترفبهاوحقإنسانيغيرمشكوكفيهإلامنحيثعددالحقوقالفرعيةالناتجةعنه,وليسهناكإلاطريقةواحدةلتحقيقحريةالتعبيروهيتفعيلالدولةللقوانينالمتعلقةبهذاالحقوالموجودةسلفافينظامهاالقانونيالمحليالذييضمالمعاهداتالدوليةالتيصدّقتعليها,وتنقيةتشريعاتهامنكلمايتعارضمعهذاالحقواحترامالسلطةالتنفيذيةلهذهالقوانينوالتشريعاتواللوائح).
شجونعربية
إذانظرناإلىحمايةحريةالرأيوالتعبيرفيالدولالعربيةفسنجدـبالتدقيقالقانونيلمحمدنورفرحاتـأنكلالدساتيرالعربيةقدأقرتفيبنودهاإشاراتمختلفةإلىحقالرأيوالتعبيروأقرتتلكالنصوصدستوريةهذهالحقوقوأناطتبالقوانينالعاديةكفالةرعايتهاوتنظيمها.كماأنعددامنالدساتيرالعربيةأفردتنصوصًالحريةالصحافةباعتبارهافرعًالحريةالرأيوالتعبير..(علىأنهمنالملاحظأنعددًامنالدساتيرالعربيةالأخرىتحملفينصوصهاتعارضًامعالمبادئالدوليةلحقوقالإنسانعنطريقتبنيصياغاتذاتطبيعةأيديولوجيةأودينيةتصادرالحقوقوالحرياتالعامةأوتسمحبمصادرتها,الأمرالذيلابدوأنينعكسبالسلبعلىممارسةحريةالرأيوالتعبير).وعلىالرغممننصالعديدمنالدساتيرالعربيةعلىتأمينحريةالرأيوالتعبيرفإنهذهالحريةتتعرضلانتهاكاتمتعددةالجوانبهيمعروفةوشائعةلدرجةتسمحلنابالمرورعليهادونأننخفيهاودونأننقعفيفخالتربصاتبحريةالتعبيرفيعالمناالعربي,الغارقفيزمنماقبلدساتيرحقوقالإنسان!
وحتىلانكونكمنيكتفيبالنظرإلىنصفالكوبالفارغ,نقولمعالقائلينإنهلايمكنإنكارأن(الواقعالعربييشهداتساعًامتزايدًالممارسةحريةالرأيوالتعبيرسواءبواسطةالصحافةأوبغيرذلك,وهذالاينفيوجودخطوطحمراءلايستطيعالمواطنالعربيالاقترابمنهاعندممارستهلحريته.ويبدوالأمرمتفاوتامنبلدعربيإلىآخرفيقدرحريةالتعبيرالمتاح.ومنالمفهومأنوجودتشريعمضيقعلىالحريةفيظلواقعتتسعفيهممارسةالحريةأمريرادبهأنتظلعصاالتشريعمشهرةفيوجهمنيجرؤعلىالاقترابمنممارسةحريتهمنمناطقلايجوزالاقترابمنها)!
لقدتناولمؤتمرنا-فيسياقموضوعه-قضيةالرقابةعلىالبحثوالمطبوعاتوالفنوالإبداعوالمصنفاتالفنية,تلكالرقابةالتيقدتلجأإلىمنعالنشرتحتشعار(حمايةالمجتمعمنالآراءالهدامة)منوجهةنظرالقائمينعلىالرقابةبالطبع!
والرقابةفيتعريفهاالبسيطالذييحددهد.محمودمحمدعلي,تعنيعمليةحذفأوتحديدومنعوصولمضمونأيرسالةعبررسائلالتعبيروالاتصال.أيوجود(حارسبينالمرسلوالمتلقي..المبدعوجمهوره..سواءكانالتعبيربالكلمةأوبالصورةأوالتمثيل..إلخ,هذاالحارسأوالرقيبيمنحهالقانونسلطةالإباحةوالحذفوالمنع).وأحياناحريةتكفيرالمبدع!وربماجمهورهالمتلقيأيضا!
واتخاذموقفمعارضللرقابةينبعمنالتمسكبحقالإنسانفيحريةالتعبيرعنالرأيوحريةالتفكير,وحقهفيالحصولعلىالمعلوماتبحرية.ولعلالحلولالواقعيةلهذاالاشتباك,كماقال(بولستورجيس),يتمثلفيعلاجالممارساتالمتشددةللرقابةعنطريق(تشجيعالشفافية,أوالانفتاحفيالحياةالعامة.ولتوافرالشفافيةلابدمنوجودكثيرمنالعناصرمثلحكومةمتفتحة,معتوافرالمنابرالرسمية,والمؤسساتالتييمكنللأفرادالاطلاععلىأنشطتهاوقوانينتنظمحريةالحصولعلىالمعلومات,وحمايةحريةالصحافة,والنشردونإعاقة).
ولعلالأمرالأخطرفيمسألةالرقابةهوالرقابةالداخليةالتيتحدثعنهاأحدالناشرينبالقول(أمامبعضالممارساتالرقابيةالمتشددةيصبحفيداخلكلمنارقيبيقيِّمحساباتهبمايتناغممععقلية(الرقيبالأعلى)حتىيتاحلكتبهأومنشوراتهأنتصلإلىأيديقراءباتعددهميتراجعإلىحدقيلفيهالكثير).وهذهالرقابةعلىالجميعمنشأنهاأنتعيدإنتاجذاتهاوتدمرآلياتالابتكارلدىالأفرادوفيالمجتمع,حتىفيأمورعمليةوتقنيةأبعدماتكونعنالإبداعالأدبيوالفني,والمثالالواضحفيذلكهوصناعةالبرمجياتالتيتتطلبمبرمجينغيرمقيديالخيال.
لاشكفيأنوجودجهةتراقبحدودالحريةبمالايضرالأفرادولاالمجتمعهوأمرواقعيعلىالأقلخلالفترةالانتقائيةمنالانغلاقوالكبتإلىالانفتاحوحريةالتعبير,لكنلابدأنيكونمنعالنشرعنطريقالرقابةأمرًاتحكمهقوانينواضحةيتفقعليهاالجميع,وأنتكونمؤسسةعلىمنطققانونييحميحقوقالإنسان,لامنطقسياسييكرسهذهالقوانينلمصلحةفئةأومجموعةنفوذ.
رقابةفيثوبالحماية
ولعلالجديدحقافيمؤتمرناهذا,والذييكتسبطابعًاغيرمحليفيتطبيقاتههوموضوعحمايةالملكيةالفكريةالذيناقشهالقانونيونفيالمؤتمربأفقعام,لكنهيعبرعنمخاوفجزءمنالعالم,هوالعالمالثالثأوالنامي,فحمايةالملكيةالفرديةوماينتجعنهامنحقوقماديةومعنويةتمثلحمايةللتعبيربعدأنيكونقدأخذشكلاإبداعيامبتكرا,ولكنتطبيقهذهالحمايةعلىالمستوىالعالميقديجورعلىحقوقالبلدانالناميةفيالحصولعلىالمعلوماتوالعلومالمعاصرةمجانًاأوعلىالأقلبأسعارتتناسبمعقدراتشعوبهذهالبلدانالفقيرة.ومنجانبآخر,فإنحمايةالملكيةالفكريةلاتنظرإلىحقالشخصفيالتعبيرعنرأيهدونقيود,لكنها(تهتمفيالمقامالأولوالأخيربحقالشخصفيمايعودعليهتعبيرهمننفعمعنويومادي).
لقد(تتابعتالاتفاقياتالدوليةالمنظمةلحقالمؤلفوحقوقالملكيةالذهنيةبدءامناتفاقبرنلحمايةالأعمالالأدبيةوالفنية,وصولاإلىاتفاقيةجنيفلحقالمؤلفوالاتفاقياتالأخرىالتيتحميمختلفصورالإنتاجالمعنويحتىاتفاقيةالتربسإحدىاتفاقياتالجات,إلىأنتبلورتمنظومةمتكاملةمعياريًاومؤسسيًالحمايةالملكيةالفرديةعلىالمستوياتالدوليةوالوطنية).
ويتابعمحمدنورفرحاتالقول(والحجةالتقليديةالتيتترددلتبريرحمايةالملكيةالفكريةمنمنظورتطويرالمعرفة,أنمنشأنهذهالحمايةأنتحفزالأفرادفيالمجتمعاتالناميةوالمتقدمةعلىالسواءعلىالإبداعوالتأليفوالاختراعمادامإنتاجهمالذهنييحظىبحمايةقانونيةمناسبة,والحجةالمعارضةترىأنالإفراطفيحمايةالملكيةالفكريةفيالوقتالذيينقسمفيهالعالمإلىعالممتقدممنتجللمعرفةوعالمناممستهلكلها,منشأنهأنيضعقيودًاأمامالعالمالناميفيالاستفادةمنالتقدمالعلميوالتكنولوجيبكلتجلياته,وأنيفرضأعباءاقتصاديةعلىالدولالناميةفيمجالنقلالتكنولوجيا,خاصةتكنولوجياالمعلوماتوالتكنولوجياالحيوية.وهذهالحجةيعبرعنهادائمافيالمحافلالدوليةممثلودولالعالمالثالثوتجدأصداءهاتترددفيأغلبالاجتماعاتالدوليةحولالملكيةالفكريةخاصةتلكالتيتعقدهاالمنظمةالعالميةللملكيةالفكريةWIPOومنظمةالتجارةالعالميةWTO,التييجتمعفيهاممثلودولالعالمالناميمعممثليالدولالصناعيةالكبري.وقدوجدتجولةمفاوضاتأورجوايحلاتوفيقيافيهذاالصددبينمصلحةالدولالناميةومصلحةالدولالمتقدمة,بأنشرعتلحمايةمايعرفالآنبحقوقالملكيةالفكريةالجماعية.وتتمثلفيملكيةالمجتمعاتللمعارفالتقليديةوالفلكلوروللمؤشراتالجغرافية(أينسبةمنتجاتمعينةاشتهرتبهامناطقجغرافيةمعينة),وذلكلإقامةالتوازنبينماتملكهالدولالناميةمنموروثتقليديوماتملكهالدولالمتقدمةمنبراءاتللاختراعوبرامجللحاسبالآليومصنفاتتحتويعلىالعلوموالفنونالمتقدمة.
وحتىهذاالتوازنهوتوازنمختللمصلحةحقوقالملكيةالفكريةالضروريةالتيتتفوقفيهاالدولالمتقدمة,نظرًالأنالحقوقالجماعيةالممنوحةللدولالناميةعلىالتراثوغيرهمنحقوقهيغيرمحددةوغيرواضحةوتفتقرإلىآلياتللحماية).
وماذابعد?
لاشكفيأنمؤتمرمكتبةالإسكندريةلحريةالتعبيركانفرصةلفتحملفمنأهمملفاتحقوقالإنسانشأنًا,فيالعالمعمومًا,وفيالعالمالعربيعلىوجهالتحديد.وقدتكونبعضالصرخاتالتيتصاعدتفيقاعاتهحادةبدرجةأوبأخرى,لكنهقطعاكانفرصةللتنفسوالإعلانعنالوجعوالألملدىكثيرمنالمشاركينفيهمنأغلبالأقطارالعربية.ولقدجاءفيمداخلةمفكرمنالجزائرأنمنعالإنسانبشكلمباشرمنالتنفسبحريةهوجريمةقتلعمد,ويجبأنيطبقهذاالمنطقعلىمنعالمواطنمنحريةالتعبير,وليسهذافقط,بلأيضامنعهمنالحصولعلىالمعلوماتالتييحتاجإليهالصياغةرأيهالمتزنوالموضوعي,للتعبيرعنهبالأسلوبالسلميالحضاري.إضافةإلىذلكفثمةدورمنوطبالمجتمعتجاههذهالحرية,وهوحمايةالفردعندممارسةحريةالتعبير,وإعدادالمناخالذييمكِّنهمنالوصولإلىالآراءالسلميةدونتضييق(يصلبهإلىوضعيةالذييتنفسفيكيسمغلق,ليختنقبزفيره)!
إنهاصورةبلاغيةمؤثرة,وواقعيةفيأحيانكثيرة.لكنهواقعيأيضاأنتناديبضرورةالانطلاقمنالممكن,وبخطىمحسوبة,نحوالمرادوالمأمول,حتىلاتتحولحريةالتعبيرإلىفوضى,وحتىلايجدالمعادونلهذهالحريةذرائعلخنقمايتاحمنأنفاسها.
ولعلأفضلماتمخضعنهذاالمؤتمرمناقتراحات,للفعلبعدالكلام,هواقتراح(إقامةموقععلىشبكةالإنترنت)يرصدوقائعانتهاكاتومصادراتحريةالتعبيرفيكلالبلادالعربية,لتكوينرأيعامعربييلمبواقعهذهالحريةويذودعنها.وقديكونهذاالمرصدالرقميثقبًافيالكيسالمغلقالذيتنفسمنهالكثيرونفيعالمناالعربي,يوصلالأنفاسبهواءالدنياالمفتوحة.